الخميس 25/أبريل/2024

سلاح العائلات والانفلات المبرمج

د. يوسف كامل إبراهيم

النسيج الاجتماعي الفلسطيني يعتمد ويرتكز على البعد العائلي والبعد العشائري شأنه في ذلك شأن العالم العربي والإسلامي الذي يقدس الأسرة ويعطي للعائلة دورا مهما للفرد ، فالعائلة هي التي تدعم الفرد اجتماعيا واقتصاديا وتحافظ عليه ، ويستمد الفرد قوته من خلالها ، والعائلة هي التي تحاول تأمين متطلبات أفرادها أملا منها في أن يشارك أبناءها في الأفراح والتصدي للمخاطر التي قد تصل إلى العائلة، لذلك الكثير من العائلات قامت بتبني أفعال أبنائها كما قامت بحث أفرادها على إنجاب الكثير من الأطفال وخاصة الذكور منهم فظهر مفهوم العزوة أو العائلة الكبيرة وبدأت العائلات تتسابق فيما بينها في عدد الشباب والذكور عند هذه العائلات .

الكثير من العائلات بدأت تستخدم أفرادها في حالات الصدام مع العائلات الأخرى حتى تستطيع أن تحسم المعركة لصالحها لكي تصبح هي العائلة الأقوى في المنطقة وتصبح تخيف العائلات الأخرى بقوة أفرادها ، ووصل الحد إلى أن بعض العائلات بدأت تستخدم هذه القوة في العربدة والتخريب عندما يكون الصدام بين عائلتين كبيرتين

ولكن عندما أصبح هناك اختلاف سياسي داخل البيت الفلسطيني، بدأت الكثير من العائلات تحسم انتماءها لهذا الفصيل أو ذاك وأصبح يشار إلى عائلات بعينها على أنها منتمية لحماس وعائلات أخرى يشار إلي أنها محسومة لفتح ، حالة الانقسام داخل البيت الفلسطيني بدأت تلقي بظلالها منذ فترة طويلة على حالة العلاقة بين العائلات وبين الأخوة وكذلك بين هذه العائلات والنظام السياسي ، فبدأت بعض العائلات باستخدام أفرادها كقوة مناهضة للنظام السياسي السائد أو الحاكم وبدأت تدخل في صراع مع هذا النظام وخاصة عندما تجد دعما لأعمالها من قيادة هذا التنظيم أو ذاك وخاصة عندما تحقق هذه العائلات مأرباً معيناً أو أهدافاً معينه لهذا الفصيل وذاك ، وبدأت عمليات الانفلات والتمرد تحصل من أفراد هذه العائلات تحت غطاء قوة هذه العائلات ومساندة كبار العائلة لهؤلاء الأفراد فظهرت صور تدمير العلاقة الأخوية والأسرية في الظهور وبدأت حالة الانقسام الشديد تظهر وبدأ النسيج الاجتماعي الفلسطيني يتهدد ويتعرض للانهيار

إن أخطر مراحل تدمير النسيج الاجتماعي الفلسطيني كانت عندما كانت كل عائلة تأخذ حق أبنائها بيدها دون النظر إلى القانون أو السلطة القائمة فظهرت مظاهر الانفلات الأمني الخطير ، وبدأت تظهر عمليات خطف الأفراد وقتلهم بحجج الثأر وبدأت كل عائلة تسترجع الماضي وتتذكر قصص أبنائها وتسترجع في ذاكرتها الحوادث التي حصلت مع أبنائها فظهرت الكثير من عمليات القتل والاختطاف معتمدين في ذلك على قوة العائلة وخاصة عندما كانت هذه العائلة تعتمد على قوة التنظيم أو الفصيل الفلاني أو العلاني.

والذي زاد من خطورة العائلات وتصرفاتها عندما بدأنا نسمع عن إقامة مربعات أمنية لهذه العائلة أو تلك، حيث يكون ممنوعاً على أي فرد من غير أبناء هذه العائلة المرور من هذه المربعات ، وبدأت بعض الحارات تقسم لهذه العائلة أو لتلك ،  ووصل الحد إلى اعتداء أفراد من هذه العائلات على الممتلكات العامة وسرقة للسيارات العامة والخاصة ، وبدأت كل عائلة تقيم لنفسها مليشيات مسلحه خاصة بها وبدأت هذه المليشيات بالاعتداء على الأفراد و السيارات و الممتلكات العامة والخاصة وأصبح يقرأ هذا التصرف وهذه الأعمال على أنها حالة تمرد وانفلات من هذه العائلات دون أن تتوقع من أحد أن يحاسبها على أفعالها وعلى تصرفات أبنائها بسبب قوة مليشياتها المسلحة .

ونتيجة لهذه الظروف التي انتشرت كان من المتوقع أن تحصل حالة صدام بين مليشيات هذه العائلات المسلحة وقوات الأمن المختلفة ، حيث بدأت هذه الأجهزة وكذلك الجمهور أن يلاحظ أن هناك حالة تمرد مبرمجة من قبل هذه العائلات نظرا لاختلاف انتماء بعض من أفرادها مع السلطة القائمة، وبالفعل حصل في الماضي والحاضر أن وقع الصدام بين الأجهزة الأمنية وأفراد من مليشيات هذه العائلات المسلحة وكبرت حالة الصدام عندما تبنت هذه العائلات أفعال أبنائها وحصل ما حصل في قطاع غزة وسقط الأبرياء من أبناء شعبنا الفلسطيني.

ولكي لا تتكرر هذه الحوداث بين الفينة والأخرى على الجميع أن يلتزم بالقوانين المعمول بها وأن لا يعتبر أحد نفسه فوق القانون وعلى الأجهزة الأمنية أن توفر الأمن والأمان لجميع أبناء الشعب الفلسطيني بعيدا عن الاختلافات السياسية والانتماءات الحزبية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات