الجمعة 26/أبريل/2024

حصار عباس لغزة.. الأهداف والمآلات

د. محمود عجرمي

منذ نجاح حركة حماس في الانتخابات البرلمانية يوم 25 كانون الثاني 2006 ميلادية بدأ التشاور بين دولة الاحتلال ورئيس المقاطعة في رام الله المحتلة لحصار غزة الذي يستمر فصولاً حتى الآن منذ أكثر من عشر سنوات، وشن العدوانات المتصلة التي هي في حقيقة الأمر محاولات بائسة ويائسة للقضاء على مقاومة الشعب الفلسطيني وإصراره على استعادة حقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف.

وتشير إجراءات عباس الأخيرة حين قطع مرتبات الأسرى المحررين وكذلك عائلات الشهداء والجرحى والموظفين بما في ذلك موظفو رام الله، الذين خفض مخصصاتهم من 30% إلى 50% إلى أنه مقدم على خطوات تصعيدية خطيرة أخرى، وكما ذكر رئيس سلطة المقاطعة غير مرة وتؤكد المؤشرات في هذه المرة أن هناك تفاهمات أميركية صهيونية عباسية بأن هناك نية لإعلان قطاع غزة إقليماً متمرداً وتحريض عدد من الأنظمة العربية لعمل ميداني عسكري ضده.

لقد سبق ذلك ومنذ عقد من الزمان أن تحدث السيد رياض منصور المندوب الدائم لفلسطين في الأمم المتحدة في نيويورك (أن تحدث) بذلك دون خجل أو وجل، وكذلك فقد طالب عباس في تصريح شهير له أن يرسل التحالف العربي الذي يعمل الآن في اليمن ضد جماعة الحوثي بعضا من وحداته المقاتلة لتحرير قطاع غزة من فصائل المقاومة.

وواضح أن عباس قد انضم لدول قمة الرياض التي عبرت في إعلانها أن حربها القادمة هي ضد “الإرهاب” الممثل بالجمهورية الإسلامية الإيرانية التي وصفت بأنها دفيئة الإجرام الدولي في المنطقة.

كما انبرى عدد من وزراء خارجية ورؤساء الدول التي شاركت في تلك القمة في توصيف حركة حماس بأنها تنظيم “إرهابي” بكل ما يعنيه ذلك من تعبير واضح وفاضح للنوايا، وما يمكن أن يقع في المستقبل.

ومعلوم أن عباس يمارس سياسة واضحة منهجية منظمة ومنتظمة عنوانها التخابر الأمني مع الاحتلال وتجلياتها مرئية لكل صاحب بصيرة في اعتقاله لنشطاء الانتفاضة وتسليمهم لقوات الاحتلال.

ويلاحظ المتتبعون عن كثب أن عدد المعتقلين والأسرى الفلسطينيين يتسارع ليقفز خلال انتفاضة القدس من 5 آلاف إلى أكثر من 7500 والحبل على الغارب في معدلات تصل إلى 20 معتقلا يومياً بما يعكس حجم التبادل الوظيفي المحموم بين أجهزة سلطة فتح الأمنية وجيش النازيين الجدد في فلسطين المحتلة، وسيصل خلال أيام أيضا السيد غرينبلات مندوب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبرفقته صهره للتفاوض مع رئيس وزراء “تل أبيب”، بنيامين نتنياهو ومحمود عباس رئيس حركة فتح في رام الله لتنسيق المواقف فيما بين الحلفاء الثلاثة لمواجهة ما يسمونه “الإرهاب” المتمثل في مقاومة الشعب الباسلة التي انتخبها ممثلاً له ويعطيها كامل ثقته ويعمدها بالأعز من أبنائه دفاعاً عن مستقبله ومقدساته وثوابته الوطنية.

رئيس سلطة فتح يتابع وبكل قوة دوره الوظيفي المرسوم منذ أن هندس اتفاق عار أوسلو المشؤوم فهو الذي طالب نتنياهو بالقطع الكامل للكهرباء الذي قام بدوره بتخفيض كمية الكهرباء الواردة إلى قطاع غزة بمعدل 8 ميغاواط والذي يساوي 15% وبعد ذلك خفض مجددا 12 ميغا وات أخرى بما قد تصل فيه ساعات الوصل إلى ساعة أو ساعتين على (أحسن) تقدير.

ولم يزل عباس يمارس صمت القبور أمام عمليات الاستيطان والتهويد في الضفة والقدس المحتلتين إلى جانب تدنيس المسجد الأقصى ومحاولات المستوطنين وحكومتهم فرض التقسيم الزماني والمكاني عليه.

لا شك أن القادم أعظم بل وأخطر بما يتطلب تحركاً حثيثاً ومتصلاً لتشكيل جبهة وطنية متحدة لمواجهة تحديات استحقاقات المرحلة كما أكد الأخ د. خليل الحية عضو المكتب السياسي لحركة حماس الذي نوه إلى أن عباس هو العقبة الكأداء أمام أي مصالحة وطنية.

ولا بد من الإشارة في الختام إلى أن تداعيات الأزمة الخليجية المتمثلة في حصار دولة قطر الشقيقة هي العنوان ومدخل الفهم لما يمكن أن يقوم به التحالف الشيطاني الآثم في الخليج وضد المقاومة في فلسطين ولبنان والتصعيد في كل من سوريا والعراق. لقد انتصرت المقاومة الباسلة إبان معارك التضحية والشرف خلال العقد الماضي، وراكمت عوامل ونقاط قوة لا يستهان بها، وفرضت على العدو تآكلاً لقدراته الردعية، وخلقت توازناً للرعب، سيؤتي أكله الواعدة بالظفر الناجز والقريب، فالمعارك هي دوما نزال إرادات أثبتت فيها الشعوب عبر التاريخ أن النصر هو حليفها الدائم والأكيد إن شاء الله.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات