هكذا يريدوننا “شعب بلا قضية”
كُثر هم اللاعبون اليوم على الساحة السياسية الدولية والإقليمية الذين يساهمون في تصفية القضية الفلسطينية، وقع الإجماع بأن هذه الفترة التي نحياها اليوم نحن كفلسطينيين هي الأصعب في تاريخ قضيتنا وصراعنا مع المحتل.
فإذا أمعنا النظر فيما يحدث من حولنا، نستطيع أن نرى بوضوح ونعي بسهولة كيف أن أطرافاً إقليمية ودولية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وتحت تأثير الرؤى والتوجيهات السياسية في “إسرائيل” تعمل مجتمعة كلٌ بدورها المحدد لها إلى وأد القضية التي صدعت رؤوس جل قادة الدول على مر العقود، بصورة أبسط، يخيل لنا بأن القضية باتت أشبه بحبة ليمون قد وقع عليها الاختيار لتكون بين فكي عصارة مصنوعة من حديد تضغط عليها من كل جانب كي تفرغ مما بداخلها.
إن لامسنا الصواب فهنالك أربعة عناصر متكاملة تسير متزامنة مع بعضها البعض، ولا أعتقد بأن تقدم أحدها عن الأخرى عبثاً أو صدفة، بل إن من رسم تلك العناصر ينظر إلى الثمرة التي سوف يجنيها في نهاية المطاف والمتمثلة بـ”شعب بلا قضية” أو قضية شؤون إنسانية وحياتية لمجموعة من السكان لا أكثر ولا أقل، وهذه العناصر هي:
أولاً: الأسرة الدولية سواء الصامتة أم الفاعلة كلها تحت إمرة وقيادة الولايات المتحدة الماضية في طريقها لإنهاء القضايا الكبرى العالقة، أو كما تسمى عند الساسة ” قضايا الحل النهائي “، بطريقة الرئيس ترمب، فبعدما أزاح ملف القدس عن طاولة المفاوضات في ظل موقف صمت عربي وإسلامي مطبق، بل وحتى الفلسطيني خجول، جاء دور ملف اللاجئين للإزاحة عبر إيقاف التمويل الأمريكي الخاص بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، حيث تعتبر أمريكا أكبر من يساهم في دعم ميزانية الوكالة إذ كانت تقدم 360 مليون دولار أمريكي بما يعادل ثلث ميزانية الوكالة، والبالغ قدرها 1.3 مليار دولار، هذا يعني بأن هنالك سحب الاعتراف بعدد اللاجئين الفلسطينيين من 5 ملايين لاجئ واقتصارها على بضع آلاف فقط، أضف إلى ذلك أن هذا منذر بكارثة حقيقية ستشهدها الأراضي الفلسطينية متمثلة بإغلاق عدد من المدارس وعيادات صحية بالإضافة إلى توجه آلاف الموظفين نحو مقاعد البطالة.
ثانياً: استراتيجية الضغط الممارسة على قطاع غزة في محاولة “إسرائيلية” قديمة جديدة لتجريد المقاومة من سلاحها، دون أي مقابل أو ثمن، لذلك فإن “إسرائيل” بعدما فشلت في تحقيق هذا الهدف خلال حرب صيف 2014، لجأت إلى وسائل وطرق مسميات لتحقيق ذاك الهدف، دون أن أعلم ما الفائدة التي يجنيها البعض من ذلك إن حدث مع استبعاد حصوله.
ثالثاً : دولة المستوطنين في الضفة الغربية، والتي تمارس بشكل اعتداءات ومصادرات يومية مدروسة من أرباب المشروع الاستيطاني الإحلالي بهدف تهجير سكان القرى المحاذية للمستوطنات من أماكن سكنهم وقُراهم، بالإضافة إلى هدم للمنازل بحجة عدم الترخيص الذي يستغرق سنوات طوال، وفوق ذلك كله الترتيبات الداخلية بين صفوف المستوطنين لإجراء انتخابات بلدية في المستوطنات، بالتزامن مع انتخابات البلديات في المدن المحتلة، بمعنى أن المستوطنات تتمتع بذات الحقوق والميزات وأكثر، مما يعني بأن الضفة الغربية أصبحت لا تختلف عن “تل أبيب” أو حيفا بل لربما أهم.
رابعاً: السياسة الإسرائيلية في تجاوز الدور الوظيفي للسلطة الفلسطينية، – وإن كانت مرتبطة بسابقتها إلا أني أفردتها لأهميتها – وذلك من خلال التواصل المباشر مع السكان الفلسطينيين عبر منسق أعمال الحكومة في المناطق تحت مسميات ما أنزل الله بها من سلطان مثل إزالة المنع الأمني وإلغاء حظر السفر، والاستدعاءات اليومية وما شابه ذلك من أعمال تهدف إلى تجميل صورة الاحتلال في العقلية الفلسطينية وجعلها المرغوبة والمطلوبة، ولا سيما بعد وصول الانقسام الفلسطيني إلى نقطة عميقة غير مسبوقة.
ختاماً، لقد حان الوقت الآن “للطرق على الطاولة”، فمن باب الوجوب على القيادة الفلسطينية الرسمية والمدنية والفصائلية البحث عن طرائق مواجهة فعالة لهذه الأدوات التي تفتك بالقضية في آن واحد، والعمل على تعزيز حقيقي لمقومات صمود الشعب الفلسطيني، مبتدئة برفع العقوبات المفروضة على قطاع غزة، وتحقيق الوحدة الوطنية، بالإضافة إلى تحديد جماعي للموقف العام من المفاوضات التي لم يعد هدفها – بعد كل هذه التنازلات – قائماً وحاضراً.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
بعد زيارة استغرقت 10 أيام.. مسؤول أممي يصف جرائم الاحتلال في غزة
نيويورك – المركز الفلسطيني للإعلام وصف دومينيك آلان ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين، الوضع في القطاع بأنه جحيم إنساني بعد 6 أشهر ونصف من...
حركة حماس: نزف إلى الخلد شهداء طولكرم ونشد على أيدي المقاومين
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام زفت حركة المقاومة الإسلامية حماس لجماهير شعبنا وأمتنا كوكبة من الشهداء الأبطال الذين ارتقوا في ساحات التضحية والفداء...
دفاع مدني غزة: تفاقم أزمة غاز الطهي ينذر بأزمة إنسانية وصحية جديدة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذر الدفاع المدني في غزة من أنّ استمرار منع الاحتلال الإسرائيلي إدخال غاز الطهي إلى قطاع غزة، وخصوصاً لمدينة غزة...
هنية يصل إلى تركيا على رأس وفد من قيادة الحركة
أنقرة – المركز الفلسطيني للإعلام وصل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس إسماعيل هنية، الجمعة، إلى تركيا على رأس وفد من قيادة الحركة،...
طرد ابنة إلهان عمر من الجامعة بسبب تضامنها مع غزة
لندن- المركز الفلسطيني للإعلام أوقفت كلية بارنارد في مدينة نيويورك، ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر، إسراء حرسي، مع ثلاث طالبات أخريات، عقب...
الجهاد الإسلامي تدعو للاشتباك مع الاحتلال وإحباط مخططاته وتدين التنسيق الأمني
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام دانت حركة الجهاد الإسلامي "بشدة الصمت العربي والعالمي إزاء الجرائم الصهيونية المتواصلة بحق أهلنا في الضفة الغربية."...
سيناتور أمريكي: ينبغي ألا نغفل الكارثة غير المسبوقة في غزة
نيويورك – المركز الفلسطيني للإعلام قال السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز، الجمعة، مع "سعينا لمنع التصعيد بين إيران وإسرائيل ينبغي ألا نغفل الكارثة غير...