الخميس 25/أبريل/2024

أسباب أخرى للقلق داخل إسرائيل!!

أسباب أخرى للقلق داخل إسرائيل!!

تتعالى داخل الكيان الصهيوني من وقت لآخر أصوات تنادي بالسلام، وإدانة العنف اليومي ضد الفلسطينيين، وإدانة الاستيطان، وفي أعقاب الحرب الأخيرة بين الدولة الصهيونية وحزب الله ظهرت في الصحافة الإسرائيلية نداءات عالية النبرة لبعض الكتاب الصهاينة عبروا فيها عن قلقهم البالغ على مستقبل الدولة العبرية في ظل التخبط والعنف والغباء السياسي الحاكم للسياسة الصهيونية الحالية، وسنختار في السطور القادمة نماذج ثلاثة نشرت مؤخراً.

فقد كتب الصحفي الإسرائيلي عميري هاس الكاتب في صحيفة (هآرتس) بتاريخ 30 -8-2006 يندد بالعسكريين الصهاينة الذين وصفهم بأنهم «الذين يحبسون شعباً كاملاً عن وعي وإدراك في سجون محاطة بالأسوار وأبراج مراقبة محصنة ورشاشات وأسلاك شائكة ومصابيح كشافة» ويندد بالقضاة «الذين يبيضون ويشرعون كل سياسة عسكرية للقتل والتدمير» ويندد بأولئك الصهاينة السياسيين المتعصبين» الذين يؤيدون أيديولوجيا استلاب مقدرات الشعب الفلسطيني”.

ويتساءل الكاتب مستنجداً بمن يراهم عقلاء من أفراد المجتمع الصهيوني وهم المؤرخون والإعلاميون الكبار والأخصائيون وأطباء العائلة ورجال القانون الذين ليسوا من أنصار غوش ايمونيم وكاديما. المعلمون والمربون وخيرة الشعراء والمغنون وصناع التكنولوجيا الراقية.

ويضرع الكاتب عميري هاس بالنداء إلى هؤلاء جميعا فيقول:

“أين انتم؟ وماذا عنكم أيها الباحثون في جوانب النازية والكارثة واللاسامية:

هل تؤيدون حقاً القوانين القائمة على التفرقة والتمييز المنهجي؟ تلك القوانين التي لن يحصل عرب الجليل بسببها على تعويضات مساوية لما سيحصل عليه جيرانهم اليهود عن أضرار الحرب (أرييه دايان، هآرتس 21/8).

هل يعقل أن تكونوا كلكم مؤيدين لقانون مواطنة عنصري يحظر على الإسرائيلي العربي العيش مع أسرته في منزل واحد؟ وأن تؤيدوا مصادرة المزيد من الأراضي واجتثاث المزيد من الأشجار والبيارات من أجل إنشاء حي جديد للمستوطنين أو شق شارع لليهود وحدهم؟

هل يعقل أن تؤيدوا كلكم إطلاق القذائف والصواريخ التي تقتل الشيوخ والأطفال في غزة؟

هل يحتمل أن توافقوا كلكم على أن يكون ثلث الضفة (غور الأردن) محظوراً على الفلسطينيين؟ وأن تؤيدوا السياسة الإسرائيلية التي تمنع عشرات آلاف الفلسطينيين من حملة الجنسيات الأجنبية من العودة إلى عائلاتهم في المناطق؟

هل غسل دماغكم بالذرائع الأمنية إلى حد قبول منع الطلاب الغزاويين من الدراسة والعمل في الضفة وأبو ديس أو منع المرضى من رفح من الحصول على العلاج في رام الله؟

هل سيكون من السهل لكم أنتم أيضاً أن تدعوا أنكم لم تعرفوا».

ويسأل الكاتب تلك الفئة من قادة الرأي الصهاينة العقلاء: ألا تعرفون أن التفرقة الممارسة في توزيع المياه – الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية – تترك آلاف المنازل الفلسطينية من دون مياه طوال أشهر الصيف، وأن إغلاق الجيش لمداخل القرى يعني منع سكانها من الوصول إلى الينابيع أو صهاريج المياه.؟ ألا ترون البوابات الفولاذية على امتداد الشارع 443 في الضفة التي تمنع القرويين الفلسطينيين على امتداده من الدخول.؟ لا يعقل أنكم تؤيدون منع دخول آلاف المزارعين إلى أراضيهم وأشجارهم وفرض الإغلاق على غزة، الأمر الذي يمنع دخول الأدوية إلى مستشفياتها وقطع إمدادات المياه والكهرباء لـ1.4 مليون إنسان وإغلاق المنفذ الوحيد الذي يوجد لهم على العالم عدة أشهر.

هل يعقل أنكم لا تعرفون ماذا يحدث على مسافة ربع ساعة من مكاتبكم ومعاهدكم؟

وهل يخطر بالبال أنكم تؤيدون الأسلوب الذي يقوم فيه جنود عبرانيون بإيقاف عشرات آلاف الأشخاص في طوابير على الحواجز المنصوبة في قلب الضفة الغربية يومياً تحت الشمس اللاهبة ويصنفون: سكان طولكرم ونابلس محظورون من الدخول، أبناء سن 35 وما تحتها: عودوا إلى جنين. سكان قرية سالم محظورون من الوجود في المكان كلياً. امرأة حامل تلتف على الطابور تطالب بحسن التصرف وتحتجز لساعات عن قصد».

ويختتم هاس مقاله بمناشدة المجتمع الصهيوني أن يتمرد على قياداته لتعدل عن هذا القهر اليومي للشعب الفلسطيني فيقول: «نحن كيهود نتمتع جميعاً بالامتيازات التي تمنحها لنا دولة “إسرائيل” ولذلك نعتبر كلنا مساعدين ومعاونين في هذه الممارسات. السؤال هو ما الذي يفعله كل واحد منا بصورة فاعلة ومباشرة ويومية حتى يقلص حدود التعاون مع نظام الاستلاب والقمع الذي لا يشبع بالمرة. التوقيع على عريضة عابرة والتمتمة باللسان ليست كافية. “إسرائيل” هي ديمقراطية ليهودها. الخطر لن يحدق بنا إن عارضناها ولن نحتجز في معسكرات الاعتقال ولن تتضرر مصادر رزقنا أو قدرتنا على التنزه والسفر للخارج. لذلك يعتبر ظلم المساعدين لنظام الاحتلال ومسؤوليتهم المباشرة مسألة كبيرة وغير قابلة للقياس».

وتحت عنوان «الاحتلال المتواصل للأراضي الفلسطينية لا يمس بقدرة الجيش على أداء مهمته الرئيسية فقط بل أيضاً بتكتل المجتمع الإسرائيلي ولهذا يجب إنهاؤه» كتب غادي طؤوف الكاتب في صحيفة (معاريف) بعددها الصادر في 30-8-2006 يقول : يوجد أكثر من سبب واحد للقلق بسبب هذا التطور «يقصد الكاتب توابع الحرب مع حزب الله»:

أولاً: جو الحصار ينسينا مرة أخرى الشيء الرئيسي: الاحتلال والمستوطنات يهددان بإغراق الدولة القومية اليهودية في ثنائية القومية. في جميع تصريحات قُلنا لكم للمستوطنين، التي تعتمد كثرتها الحاسمة الآن على دعاوى الأمن الجاري، لا يوجد جواب لهذا السؤال الاستراتيجي. لكن السؤال لم يختف بسبب التهديدات الخارجية، وما تزال مسألة ثنائية القومية قائمة لدى الباب عندنا. لكن تضاف إلى هذه المشكلة مشكلات أخرى، كشفت عنها هذه الحرب بكامل خطرها. إحداها أن الجيش الإسرائيلي منذ سنين طويلة غدا شرطة في الأساس. لم يكن مستعداً للقتال، وهو المهمة الرئيسية لكل جيش، لأنه من ناحية تنفيذية مشغول بأمور مغايرة تماماً: الحراسة على الحواجز، والاعتقالات، ومطاردة المطلوبين، والاغتيال، ومصاحبة المواطنين وسائر المهمات التي يشتمل عليها الاحتلال. ينبغي أن نأمل أن تُذكرنا الزعزعة الحالية بهذا أيضاً وهو أن الاحتلال المتواصل يضر بقدرة كل جيش على الوفاء بدوره الرئيسي.

وثانياً: إذا تجاوزنا سؤال الموقف في تفصيلات الاختلاف بين مؤيدي الاستيطان ومعارضيه، يصعب أن نتجاهل الحقيقة البسيطة، وهي أن مجرد الجدل قد مزق الإجماع الإسرائيلي. عند نصف الإسرائيليين الاحتلال ظاهرة لا تُطاق، وسياسة تخالف جميع اعتقاداتهم الأخلاقية. في هذا الوضع يغدو المس بقدرة الجيش مساً بدافعية جزء ملحوظ من جنوده أيضاً. ولكن ليس الجنود فقط. إن تصميم المجتمع الإسرائيلي بازاء طالبي إبادته، وتكتله ومشاعره الوطنية، كلها تضررت نتيجة الاختلاف الشديد جداً على شكل الدولة وقيمها. في واقع الأمر، يجبرنا الاحتلال على أن نقوم في وضع يصادم فيه الطابعان الرئيسيان للدولة – اليهودية والديمقراطية – بعضهما بعضاً. نشأ وضع أحدث فيه الصراع بين المعسكرات كراهية حقيقية. يكفي أن ننظر في صحافة اليمين لنشعر بقوة الكراهية لليسار، ويكفي أن ننظر في أعمدة اليساريين لنشعر بقوة كراهيتهم للمستوطنين. والنتيجة أنه ما استمر الاستيطان فلن ينشأ هنا تكافل مستقر بين المعسكرات».

أما عوزي برعام وهو عضو كنيست سابق فقد كتب في صحيفة (هآرتس) بتاريخ 30-8-2006: يقول «في الحقيقة العالم العربي ليس موحداً، لكن الرأي العام العربي في الأردن، وفي لبنان، وفي السعودية، وفي سورية، وفي مصر لا ينقسم على حسب التوجه الأمريكي وتوجه آخر. إنه يشعر بوحدة المصير العربي تجاه “إسرائيل”، بل تجاه التهديد الأمريكي. توجد هنا قصة خطرة ترتاب في مستقبل “إسرائيل” دولة يهودية في قلب عالم عربي معادٍ».

وتحدث البرلماني الصهيوني السابق مدافعاً عن سياسة من سماهم (الحمائم) وداعياً إلى أهمية قيام دولة فلسطينية مستقرة وانسحاب الصهاينة إلى حدود ما قبل حرب يونيو 1967 ومستدلاً بتداعيات حرب لبنان الأخيرة فقال:

«لم يبرهن قط كما الآن على أن الحمائم كانوا صادقين في نهجهم. فقد فهم الحمائم صورة الوضع الإقليمية. وكان سعيهم إلى إقامة دولة فلسطينية بجانب “إسرائيل” كله ثمرة مصلحة إسرائيلية بَينة. لقد فهموا أنه من أجل إبعاد المادة المتفجرة الإقليمية، يجب التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين. كان الفرض الأساسي وما يزال أن سلاماً كهذا سيفضي إلى علاقات دبلوماسية بين “إسرائيل” ودول الخليج والسعودية، ودول المغرب العربي. وربما يدفع إلى اتفاق مع سورية الآن. أدركوا أنه من أجل إنجاز سلام كهذا، تنبغي العودة إلى حدود 1967 وإحداث مصالحة في القدس وعدم الموافقة على أية حال على حق العودة. لكن جماعة ضغط المستوطنين والابتزاز العاطفي الذي وجهوه إلى الرأي العام عملا عملهما. وأدرك ساسة من جميع أطراف القوس السياسية أن إجراء كهذا ضروري ومطلوب، ولكن كيف يمكن فعل ذلك تجاه رأي عام متعجرف وواثق بقدرتنا على إبادة كل تهديد عسكري لنا بالقوة؟

ويعترف البرلماني الصهيوني السابق بأخطاء الساسة الصهاينة إزاء عملية السلام فيقول بوضوح: «إن نضالنا ضد عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية أضعف بقية الثقة بحل سياسي داخل “إسرائيل” وجعل فتح غير قادرة على إعطاء الفلسطينيين استقراراً اقتصادياً وإن كان ثمة سلام. عندما تبوأ وريث عرفات أبو مازن السلطة خافت حكومة “إسرائيل” من أن تلزم موجة الاعتدال التي أتي بها معه بحل سياسي جذري. وهو حل لم يرده شارون.

قمنا بكل ما استطعنا من أجل إضعاف مكانة أبي مازن. حملناه مسؤولية شاملة عن كل الأعمال الإرهابية، واخترنا عالمين قدرته على أداء عمله. ورفضنا بكل قوة إطلاق الأسرى لتعزيز مكانته، واعتقدنا أن مكانة هشة لأبي مازن و م.ت.ف ستمكن من خطة الانفصال من غير أن نضطر إلى الجلوس للتفاوض حول حل دائم ممكن قابل للتطبيق. وعندما صفعنا الواقع تم الانفصال. بعدها وليت حماس السلطة، وعند ذلك طرحت بشدة خطة الانطواء، التي خرج الهواء منها في الحرب الأخيرة.

ويتساءل عوزي برعام عن مصير “إسرائيل” المظلم فيقول: «نحن الآن نواجه وضعا أكثر تعقيداً مما كان، لكن من الواضح إلى أين يجب أن تمضي دولة “إسرائيل”. يجب أن يقوم هدفان في أساس كل نظام في المستقبل: الأول، انعاش الجيش الإسرائيلي وتقويته استعداداً للمهمات التي قد تواجهه. والثاني، مبادرات سياسية لا تنقطع، ومحاولة لمحاورة القيادة الفلسطينية التي لها مصلحة اقتصادية، واجتماعية وسياسية في الخروج من العزلة والحصار، ومبادرات مع سورية ولبنان تقتضي تحولا في التفكير في الرأي العام في البلاد».

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

جامايكا تعلن الاعتراف بدولة فلسطين

جامايكا تعلن الاعتراف بدولة فلسطين

كينجستون – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزيرة الخارجية والتجارة الخارجية في دولة جامايكا، اليوم الأربعاء، أن دولتها اعترفت رسميًا بدولة فلسطين....