الخميس 28/مارس/2024

لا اعتراف بالكيان العبري

لا اعتراف بالكيان العبري

 

لا اعتراف بالكيان العبري!

أ. نقولا صايغ

لا يجوز الاعتراف بالكيان الإسرائيلي الفاشي الذي زرع في قلب الأمَّة العربيَّة من أجل إرضاء قوى العربدة والطغيان التي تخلَّت عن المبادئ والثوابت الإنسانيَّة التي تنادي بها، وفضَّلت التحالف مع الشر، لتعمل على تزييف الحقائق التاريخيَّة والدينيَّة وتوظيف أقاويلها لخدمة أهدافها الانتقاميَّة، وخلق الخلافات الاجتماعيَّة والدينيَّة بين الشعوب صاحبة الحق والمغلوبة على أمرها، وذلك من أجل تعزيز سيطرتها، وتثبيت احتلالها، متجاهلة الطرف الآخر وحقوقه الثابتة، التي طالما تحدَّث عنها هذا العالم ومؤسَّساته الدوليَّة المنافقة.

المفهوم من بعض ثوابت الديمقراطيَّة، أنَّ الأحزاب السياسيَّة تتنافس أثناء الانتخابات العامَّة، وبناءًا على نتائجها التي يقرِّرها الشعب، يتمُّ تشكيل الحكومة إمَّا أقليَّة أو أكثريَّة. وفي حالة الأكثريَّة، فرئيس الحزب المنتخب يُكلَّف بتشكيل الحكومة من الأعضاء المنتخبين، أمَّا بقيَّة الأحزاب التي تمَّ انتخاب بعض أعضائها للبرلمان فعليها الجلوس في موقع المعارضة، والعمل ضمن ما يخوِّلها القانون، شريطة أن تكون معارضتها بنَّاءة، وليس كما يفعل بعضها في الوطن المحتل وغيره من دول العالم الثالث. لأنَّ ما يجري على الساحة من بعض أفراد الحزب أو الأحزاب الخاسرة، يكون محاولة لتشويه صورة الحكومة المنتخبة الحاليَّة، وتلجأ في الوقت نفسه إلى أعمال مدسوسة ومضلِّلة، لإثبات عدم جدارة الحكومة الجديدة، لأنَّها ترفض الاعتراف بالكيان الإسرائيلي العنصري، وتحاول وضع حدٍّ للفساد الإداري والمالي، والعودة إلى القواعد الثابتة التي كافح المناضلون من أجلها، دون اعتبار للمحسوبيَّة أو غيرها من المخلَّفات الهدَّامة!

ثمَّ لماذا على الحكومة الحاليَّة الاعتراف بالكيان الإسرائيلي الفاشي، قبل أن يعترف ذلك الكيان بالحقوق الفلسطينيَّة! وهذا الرفض ليس من حكومة “حماس” بقدر ما هو مطلب شعبي من جميع فئات الشعب الفلسطيني، مهما كان تأثير الضغوط الخارجيَّة والداخليَّة، والحصار الاقتصادي والمالي وغيرها من الأفعال الشريرة، والشروط التعسفيَّة التي ينتهجها قادة الاحتلال ومؤيِّدوه المنافقون!

نحن نسأل لماذا تحاول القوى الخارجيَّة فرض رأيها المشين على الشعب الفلسطيني ومن يمثِّله، الاعتراف بوجود الكيان الإسرائيلي العنصري قبل معرفة حدود ذلك الكيان، وتثبيت حدود الدولة الفلسطينيَّة المستقلَّة وعاصمتها القدس “أم الأديان”؟

إنَّ حكومة وحدة وطنيَّة، هي مجرَّد تجربة أخرى من التجارب التي مرَّ بها هذا الشعب المناضل من أجل إرضاء زيد أو عمرو، وفقًا للتحالفات الإقليميَّة والعالميَّة، منها من يؤيِّد الحقوق ومنها من يعمل ضدّها. ولهذه الأسباب تمَّ تأجيل تشكيل الحكومة الجديدة المرتقبة برئاسة “إسماعيل هنيَّة” لحين عودة “أبو مازن” من أمريكا وإجراء مشاوراته مع كبار المسؤولين هناك، وعلى رأسهم “السفَّاح بوش”!

لذلك نقول يجب الثبات ورفض التدخُّل الإقليمي والخارجي في قرارات أيَّة حكومة فلسطينيَّة منتخبة، كما يجب قبل تطبيق هذه الفكرة التي لم يتم الاتِّفاق عليها حتَّى الآن، على الرغم من الموافقة المبدئيَّة التي أشار إليها رئيس الوزراء “هنيَّة”، علمًا بأنَّها معزَّزة بالثوابت التي تخص حقوق الشعب الفلسطيني، والإصرار على عدم الاعتراف بالدولة الإسرائيليَّة العنصريَّة، قبل إزالة الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينيَّة المستقلَّة! كما من المفروض أن تكون جميع قطاعات الشعب وفصائله موحدَّة، ولا خلاف بينها، ومواصلة النضال من أجل استعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بجميع والوسائل المتاحة، وبناءًا على المعلومات الجارية بإعادة تفعيل “منظَّمة التحرير”، يستحسن في هذه الحالة تعديل اسم “منظَّمة التحرير” لتصبح “جبهة التحرير الوطني الفلسطيني”، لتأخذ الأمور بأكثر جديَّة ممًّا هي عليه الآن، لأنّ في حقيقة الأمر ليس للشعب الفلسطيني رئاسة أو حكومة مستقلَّة، أو حريَّة، وهو ما يزال تحت الاحتلال والسيطرة والحصار الكامل!

إنَّ موقف الحكومة الفلسطينيَّة الحالي هو الموقف الصحيح، فقادة أقطارنا العربيَّة بأجمعها والعالم الخارجي على علم بأنَّ السلام لن يعمَّ المنطقة العربيَّة أو العالم، إلاَّ إذا تمَّ حلُّ القضيَّة الفلسطينيَّة حلاًّ عادلاً يقبل به الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، باستفتاء شعبي يصبح بعدها هذا القرار ساري المفعول على الجميع بعيدًا عن التطرُّف والخلافات الإقليميَّة والتحالفات!

لقد أثبت الكيان الإسرائيلي المتطرِّف عدم مقدرته على قمع كفاح الشعوب المؤمنة بعدالة قضاياها، وقد عزَّز هذه النظريَّة صمود الشعب العربي اللبناني وكفاحه بجميع شرائحه وانتماءاته الدينيَّة والسياسيَّة، أمام غطرسة ذلك النظام الفاشي الذي يعمل باستمرار على تنمية الخلافات الإقليميَّة وزرع الفتنة الدينيَّة بين أبناء الوطن الواحد. لذلك على الشعب الفلسطيني وقياداته المتعدِّدة، مواصلة الصمود في وجه الاحتلال ومكافحته وإنزال أقصى الضربات في قوَّاته وأجهزته العسكريَّة، حتَّى لو سمِّيت تلك “أعمالاً إرهابيَّة”! فهذه التسميات لم يعد لها أي تأثير في نضال الشعوب التي تسعى لتحرير أرضها والتخلُّص من الاحتلال! لو بقي فلسطينيُّ واحد يرفض الاعتراف بهذا الكيان العنصري، فسيفضل هذا النظام مشرَّدًا أربعين عامًا تمامًا كما جرى له عند مغادرته أرض الكنانة، على الرغم من اعتراف قوى الشر المنافقة في نظامه وسياسته العنصريَّة!

إنَّ الخطأ الذي ارتكبه “بابا روما” في فقرة من فقرات خطابه التي عادت بالعالم إلى القرن الرابع عشر، ما هي إلاَّ دسائس أمريكيَّة – إسرائيليَّة من أجل تعكير صفو العلاقات المسيحيَّة الإسلاميَّة في شرقنا العربي على مر القرون، لكن الخطأ لا يبرِّر التعدِّي على الكنائس في فلسطين المحتلَّة وغيرها! وفي هذا السياق، علينا الابتعاد عن التطرُّف من كلا الجانبين والعمل على احترام بعضنا بعضًا، والتركيز على العدو المشترك الذي سرق أرضنا وقتل أطفالنا وشرَّد شعبنا، لأنَّ الرباط بين الطرفين هو الوطن وتحريره، ولأنَّ الدين لله والوطن للجميع!

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

عباس يصدق على تشكيلة حكومة محمد مصطفى

عباس يصدق على تشكيلة حكومة محمد مصطفى

رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام صدق رئيس السلطة محمود عباس على منح الثقة لحكومة محمد مصطفى، وسط استمرار تجاهل موقف الفصائل الفلسطينية التي...