الجمعة 19/أبريل/2024

ماذا يجري داخل إسرائيل؟

ماذا يجري داخل إسرائيل؟
البيان الإماراتية 8/10/2006
 
هل كان من المتصور قبل الهزيمة التاريخية التي منيت بها إسرائيل عندما شنت عدوانها على لبنان و«حزب الله» الذي تواصل عبر شهري يوليو وأغسطس ان يطالب سياسي إسرائيلي علنا بجلاء إسرائيل عن كافة الاراضي العربية المحتلة دون ان تهب في وجهه عاصفة داخلية؟ مائير شتريت ليس إسرائيليا عاديا ، فهو أولا يميني التوجه.. وهو ثانيا عضو قيادي في حزب «كاديما» ـ الحزب الحاكم ـ وهو ثالثا وزير.
توقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان كان إيذانا كما بدا باشتعال حرب من نوع آخر داخل المجتمع الإسرائيلي محورها تساؤل عن المسؤولية في فشل الحملة العسكرية الإسرائيلية الشاملة التي حشد لها أسطول جوي وأسطول بحري بالإضافة إلى قوة قتالية برية. ولم يكن الهدف هو مجرد حمل قيادة «حزب الله» على إطلاق سراح جنديين إسرائيليين أسيرين، كان الهدف الاستراتيجي الأعظم هو قصم ظهر المقاومة اللبنانية والقضاء عليها نهائيا.

والتساؤل الذي يتمحور حوله الآن تبادل الاتهامات بين القادة الإسرائيليين على صعيدي العسكرية والسياسة بشأن فشل الحملة ينبع من تساؤل أعظم شأنا هو: إذا كانت القوة العسكرية الإسرائيلية عاجزة عن القضاء على فصيل عربي واحد للمقاومة فكيف يكون الحال إذا نشأت مستقبلا مقاومات عربية أخرى تستهدف الدولة اليهودية من جميع الاتجاهات؟ الحديث إذن عن مستقبل مجهول ومرعب. ولذا فانه يتخذ صيغة تساؤل هاملت: «أكون أو لا أكون: هذه هي المسألة».
 
هنا ندرك مغزى مطالبة الوزير شتريت بأن تقبل إسرائيل مشروع المبادرة العربية قبل فوات الأوان، والاعتراف العربي الشامل بها في مقابل جلائها عن الأراضي العربية الواقعة تحت الاحتلال منذ يونيو 1967
 
يقول شتريت: إذا كنا نتحدث عن سلام كامل.. إذا كنا نريد سلاما كاملا فنحن مضطرون إلى القبول بكل عناصر المبادرة والانسحاب حتى حدود 1967، انه يقول ضمنيا ان على إسرائيل ان تستخلص درسا من هزيمتها على ايدى أجهزة أمن حزب الله برؤيه تستشرف المستقبل ومفاد هذا الدرس ان الدولة اليهودية لن تنعم بسلام واستقرار كقوة احتلالية، وستبقى كمجتمع يسيطر به خوف جماعي إلى ان تتحقق حتمية الانتصار النهائي للمقاومة الشعبية العربية.
شتريت صوت عاقل، ومثل هذه الأصوات ـ يعلمنا التاريخ ـ لا تجد عادة بادئ الأمر سوى أقلية من المؤيدين وأكثرية من الساخرين، لكن التاريخ يعلمنا أيضا ان الأكثرية سيحيق بها الندم عندما تقع الواقعة.
 
على صعيد مواز هناك أيضا أصوات عاقلة مماثلة ترتفع داخل الولايات المتحدة. ففي الاسبوع المنصرم نشر الأكاديمي الأميركي الشهير روبرت مالي مقالة في «هيرالد تربيون» يطرح من خلالها تساؤلا خطيراً هو إلى متى تواصل الولايات المتحدة التضحية بمصالحها الحيوية في منطقة الشرق الأوسط من اجل مصالح إسرائيل.
 
لكن المؤسف ان الدول العربية عاجزة عن استثمار مثل هذه التحولات الإسرائيلية والأميركية. ومما يضاعف الأسف ان القيادة الفلسطينية الرسمية تتباهى عالميا بأنها ضد مبدأ الكفاح المسلح وربما يبطئ هذا الموقف التخاذلي من دوران عجلة التاريخ لكنه لن يستطيع ان يوقف تحركها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات