الجمعة 26/أبريل/2024

الخوف حين يستخدم للتضليل

الخوف حين يستخدم للتضليل

صحيفة الشرق القطرية

نظرية المخاوف التضليلية وسمتها ما تعبر عنه مجموعة من الناس إثنية أو طائفية أو جهوية حين تشن الهجوم وتكون أو تصبح في مواقع الهجوم لإحداث التغيير من أجل تحقيق هيمنتها انفصالها أو فيدراليتها أو استيلائها على الدولة، أو سيطرتها على المنطقة يحدث ذلك كله حول إثارة مخاوف كانت لها مسوغات في الماضي، وتضخم باعتبار ماذا لو عاد الماضي، ومن ثم تبدأ بالهجوم لتنفيذ مشروعها فتبدأ بالقتل والتدمير، أو بالاجتياح والتهجير أو الابتزاز والتزوير، وتجد مشروعية بالاستقواء بالخارج.

ومع ذلك تظل تعلن أنها خائفة وأن لديها مخاوف من طرف كان في الماضي مسيطراً قد يعود، أو من طرف تضخمت قوته وتلبسه مشروع لا يحمله، أو تتهمه بسلسلة ارتكابات، ولأن لديها مخاوف فمن حقها أن تشن الهجوم وفرض حقائق جديدة، وإياك أن تسمي ذلك باسمه، أو تعتبرها المبادر، أو المهاجم في ميزان القوى، لأنك عندئذ تنكر عليها مخاوفها المشروعة، التي تسمح لها أن تفعل أي شيء، كل شيء.

الخائف بالغريزة يهرب، ويكون بالضرورة في مواقع الدفاع، ولا يطلب الصدام، وإلا كيف يكون خائفاً؟ وحتى القوي حين يخاف يفقد نصف قوته إن لم يعطل إمكان استخدام قوته، ولهذا قامت الحرب النفسية في الحروب والصراعات لتخيف الخصم، أو تجعل الرعب يدب في مفاصله من أجل أن يفقد قوته وينهار، فالخائف لا يكسب المعارك ولا يغير الواقع أو التاريخ، ولهذا من يسعون لتغيير الواقع ليسوا بخائفين.

ولهذا يكذب كل من يدعي الخوف والمخاوف إذا كان مهاجماً مستنداً إلى جدار من القوة، وقد مضى يفرض وقائع جديدة على الأرض، لكن يمكن أن يكون إطلاق صفة «يكذب» عليه غير كاف لوصف الحالة، لأن تأكيده المستمر على مخاوفه أو الادعاء أنه يفعل ما يفعل بسبب مخاوفه، أو بسبب الخوف الذي كان عليه في الماضي حين الاستضعاف، إنما هو مظلة لتغطية الهجوم، فهو أكذوبة صحيح، إلا أنه في الآن نفسه «استراتيجية» كاملة في تغطية أهداف الحرب، وذلك بالادعاء أنه في حالة الدفاع عن النفس، ويتحرك بوحي من مخاوفه وليس من قوته وقدرته التي تخيف الآخرين ويجب أن تخيفهم.

أغلب الذين إن لم يكن كل الذين بدأوا بشن الحروب الخارجية أو الداخلية فعلوها تحت شعار الدفاع عن النفس. وأن البادئ هو الطرف الآخر، وهو الذي يتحمل المسؤولية لأن «البادي أظلم» فهل هنالك من غطاء لتحقيق هذا الفرض مثل إثارة موضوع المخاوف، والتحرك تحت هذا الشعار هجوماً وتغييراً للواقع وموازين القوى؟.

ليس هنالك أبلغ من المثل الإسرائيلي نموذجاً لاستخدام «نظرية» أو «استراتيجية» أو شعار «المخاوف الأمنية لتنفيذ المشروع الصهيوني وتغطية التوسع والتهجير وأعمال الاعتداء الاستباقي، أو الاعتراض «التعرضي» أو الاجهاضي فتحت شعار الخوف على أمن “إسرائيل”، وعلى وجود الدولة الإسرائيلية نفسها أو وجود الإسرائيلي حشدت الدولة العبرية من القوة العسكرية التقليدية والقوة الصاروخية والنووية ما يتفوق على العرب والمسلمين مجتمعين وعلى غالبية دول العالم حتى صنفها البعض بالقوة الرابعة في العالم.

ومع ذلك ما زالت تثير زوبعة بأنها «خائفة» على أمنها ووجودها وأن الآخرين يعدون لتدميرها، فتحت هذه المظلة ترسم سياسة الحرب والعمل الديبلوماسي، وقد استمرأت هذه «اللعبة» حتى لم يعد هنالك من حل يمكن أن يطمئنها ويزيل مخاوفها غير الإمعان في تمزيق الفلسطينيين والعرب والمسلمين وتجريدهم من أي مستوى من مستويات القوة.

وينطبق ما تقدم أيضاً على تغطية التوسع والاستيلاء على المزيد، فالمزيد من الأرض في فلسطين والجولان فبسبب المخاوف الأمنية والعسكرية والوجودية يجب أن يبتلع الجدار أكثر من نصف أراضي الضفة الغربية كما القدس وضواحيها.

ومن أجل تلك المخاوف تقطع المناطق الفلسطينية لتعزل عن بعضها فكل منطقة وكل قرية داخل المنطقة أو بلدة أو مدينة تقع تحت حصار من الجدران أو الطرق الالتفافية أو الحواجز وبكلمة: معتقلات، ومع ذلك يجب ألا تطمئن الدولة العبرية وتظل تصرح «أنا خائفة» ووجودي في خطر.

وإياكم أن تمسوا ما أضعه من ترتيبات ناشئة عن المخاوف التاريخية والراهنة والقادمة. وليست ناشئة عن تفوق في ميزان القوى العسكرية والسياسي والأمني، فلسطينياً أو إقليمياً أو عالمياً، في مصلحتها، إا كيف يمكن للخائف أن يعقل كل ذلك لو كان خائفاً فالخائف يهرب، لا يغير الواقع، ويسير على جانب الطريق ويقبل بالمتاح، ويتجنب المعارك والصدامات مع من يخاف منهم.

نظرية المخاوف هذه التقطها، كمثل ثانٍ صارخ، كل من الحزبين الكرديين لتثبيت واقع انفصالي وتوسعي «كركوك وغيرها» وهيمن على جزء مقدر من «الدولة المركزية» إذا تكرست، ومثلهما فعل «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية». «سقط ذكر الثورة الإسلامية من أفواههم» وحلفاؤهم من الطائفيين، إذا راحوا تحت شعار المخاوف من عودة النظام السابق يدمرون الدولة من حيث أتى، ويكرسون تقسيم العراق على طريقة الحزبين الكرديين الوطني والديمقراطي «الطالباني والبرزاني» ويسيطرون على أجهزة الدولة «المركزية» إذا قام قائمها.

هذه «الأحزاب» وضعت في ظهرها الاحتلال الأمريكي الذي هو مصدر القوة والسيطرة المتفوقة في العراق، وراحت تهجم على إعادة تشكيل العراق وموازين قواه الداخلية تحت شعار المخاوف من «عودة النظام الصدامي» فهي مسكينة خائفة، ولأنها خائفة تفعل ما تفعل وليس نتيجة امتلاكها الدعم الأمريكي «حتى الآن على الأقل» وانتقالها إلى مواقع الهجوم في تفكيك الدولة واجتثاث البعث، والسيطرة على ما يبنى من أجهزة بديلة أو القليل مما تبقى من مؤسسات مثل وزارة النفط، والجامعات والمدارس.

هذا مثلان صارخان لاستخدام نظرية أو استراتيجية «المخاوف.. لتغطية الهجوم الذي لا يقوم به خائف»!. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

45 ألف مُصلٍّ يؤدون الجمعة في الأقصى

45 ألف مُصلٍّ يؤدون الجمعة في الأقصى

القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلامأدى 45 ألف مواطن صلاة الجمعة اليوم في المسجد الأقصى المبارك، في حين منعت قوات الاحتلال، العشرات من الشبان...