الجمعة 19/أبريل/2024

إلى من لم يذوقوا حلاوة التطبيع!

إلى من لم يذوقوا حلاوة التطبيع!

تتضور الدولة العبرية شوقاً إلى تطبيع علاقاتها مع الدول العربية!! ولا يمكن أن نتصور أن الصهاينة ذوي الثقافة الغربية ذات العيون الخضر، والعيون العسلية، يهيمون شوقاً بسواد العيون العربية، إحياءً لذكرى عبلة وعزة وبثينة اللواتي خبلن عقول شعرائنا القدامى فتركوا لنا هذا الشعر الخالد في العيون السود.

 

ولا يمكن أن نتصور أيضاً، أن الصهاينة ذوي الثقافة الغربية الرأسمالية رقت قلوبهم فجأة، وخفقت جوانحهم بقيم الإحسان إلى الجار، والتصدق على المحتاجين من بني عمومتهم أبناء إسماعيل بن إبراهيم (عليهما السلام).

بل لابد أن لـ”إسرائيل” في التطبيع مآرب أخرى غير سواد عيون العرب وإحسان العشرة معهم. وحتى نتعرف هذه المآرب دعونا نتصفح تاريخ التطبيع من خلال الحالة المصرية، باعتبار “مصر السادات” أول دولة قام نظامها الحاكم بالتطبيع مع الصهاينة ضمن صفقة اتفاقيات السلام التي وقعت بين البلدين عام 1979 على خلفية اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978م.

 

في مارس 1980 توصلت لجنة مشتركة تألفت بين البلدين لتفعيل ما تم الاتفاق عليه بين السادات وبيجن من ضرورة “تطبيع العلاقات” وتدارست اللجنة مسألة تشجيع السياحة وانتهت إلى السماح للصهاينة ذوي السيارات الخاصة بدخول مصر عبر ممر رفح البري شريطة أن يثبتوا حيازتهم لمبلغ مائة جنيه مصري لدى نقطة العبور، ثم بعد ذلك فتح خط جوي للملاحة الجوية بين البلدين. بدأ نشاطه برحلتين أسبوعياً وازداد تدريجياً إلى أربع رحلات. وواكب ذلك افتتاح خط لشركة الطيران الصهيونية (العال) واتخاذها مكتباً لها بالقاهرة. ثم تسارعت وتيرة التطبيع السياحي، فتم فتح خط للنقل البري بين شركة أتوبيس الدلتا المصرية وشركة (أجل) الصهيونية بواقع 8 رحلات أسبوعياً بين القاهرة وتل أبيب.

ومن بين مئات الشركات التي تعمل في مجال السياحة في مصر، قبلت سبع شركات فقط العمل مع الصهاينة بتنظيم رحلات بين مصر و”إسرائيل”، وقد قاطعت غالبية الدول العربية آنذاك تلك الشركات السبع ومنعتها من تنظيم رحلات إليها. فأغدقت عليها الأموال من الحكومتين المصرية والإسرائيلية لتعويضها عن هذه المقاطعة العربية. غير أن التحقيقات في حادث أتوبيس سياحي قتل فيه 11 يهودياً عام 1990م كشف فيما بعد عن تلاعب صهيوني دائم بتلك الشركات السبع، حيث تبين أن “إسرائيل” تقدم للشركات بيانات مغلوطة عن الوفود السياحية والأماكن التي تقصدها في مصر وتتذرع بالدواعي الأمنية حيث إن بعض الشخصيات الإسرائيلية المهمة تختفي بأسماء مجهولة وسط هذه الوفود السياحية العادية.

وفي تقرير نشرته مجلة المجلة في عددها رقم 523 الصادر في 20/2/1990م تم الكشف عن عدد من القضايا والجرائم التي تورط فيها سياح إسرائيليون منها:

 

شبكة إسرائيلية تم ضبطها قبل بضعة شهور ضمن وفد سياحي تتكون من 11 فرداً كان بحوزتهم مليونا دولار مزيفة وقد اعترف المقبوض عليهم في التحقيقات بأنهم يعملون ضمن شبكة تهريب دولية مركزها تل أبيب ويتزعمها أحد قادة الجيش الإسرائيلي السابقين ويدعى رفائيل منشأة. كما اعترفوا أنهم تمكنوا من الدخول إلى مصر بدولارات مزيفة عدة مرات ضمن الأفواج السياحية.

سجلت 80 قضية تهريب وترويج عملات مزيفة من فئة المائة دولار مهربة من تل أبيب إلى مصر عبر أفراد وينظر فيها أمام القضاء المصري.

 

وإلى جانب شبكات تهريب الدولارات المزيفة هناك شبكات تهريب الهيروين، وأخطرها ضبط في منتصف العام الماضي أثناء تهريب الهيروين في معجون الأسنان وأعضاؤها بعض العاملين في المركز الأكاديمي الإسرائيلي ويبلغ عددهم 5 أفراد وكان قد تم اتهامهم قبل ذلك ضمن شبكة التجسس الإسرائيلية في القاهرة التي كان يتزعمها الملحق العسكري الإسرائيلي السابق الذي طردته السلطات المصرية بالإضافة إلى اثنين من الأمريكيين كانوا يعملون في هيئة المعونة الأمريكية في مصر وشخص سويدي مقيم في القاهرة وموظف مدني سابق بوزارة الدفاع المصرية.

وهناك شبكات أخرى لتهريب الآثار والقيام بأعمال تجسس في مصر حضر أفرادها ضمن أحد الأفواج السياحية الرسمية في “إسرائيل” وضبطت أجهزة الأمن المصرية مجموعة من الآثار الصغيرة وأحجاراً كريمة مع مجموعة من الحاخامات اليهود أتوا إلى مصر في أوائل العام الماضي لزيارة المعابد اليهودية.

 

كذلك كشفت أجهزة المخابرات العامة في مصر في شهر يناير 1989 عن شبكة تجسس مكونة من بعض الإسرائيليين داخل أحد فنادق القاهرة في ميدان الحجاز بمصر الجديدة وهي تقوم بعملية جمع وتجهيز المعلومات.

كشفت شبكات للدعارة الإسرائيلية في مصر كان آخرها خلال شهر يوليو (آب) الماضي في مدينة الإسماعيلية وحي المهندسين بالقاهرة.

 

وفي ضوء هذا، نستطيع الآن أن نفهم سر ولع “إسرائيل” بتطبيع علاقاتها مع العرب، فهي تدرك مدى حاجتهم إلى الجنس والمخدرات ومدى استعدادهم لترويج العملات المزورة، ومدى استعداد “بعضهم” من ضعاف النفوس للعمل كجواسيس لمصلحة الصهيونية. فالتطبيع سيوفر لإسرائيل أسواقاً لنشاطاتها (المتميزة) التي لا تستطيع ممارستها بنفس الدرجة من الحرية في المجتمعات العربية اليقظة.

فما رأى دعاة التطبيع من ذوي الأنوف الوارمة والعيون المحمرة الذين يستضيفهم لنا أخونا الدكتور فيصل القاسم أحياناً في برنامج الاتجاه المشاكس؟!! أما زالوا يدافعون عن التطبيع؟.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات