عاجل

الثلاثاء 23/أبريل/2024

تفاؤل لاجئ فلسطيني

تفاؤل لاجئ فلسطيني

حدّث لاجئ فلسطيني قائلاً: بأنه أصبح متفائلاً بالعودة إلى بلدته (المنسي) الواقعة في قضاء حيفا بعد الانتصار الذي حققه حزب الله في مواجهة “إسرائيل”. قال بأن نتائج الحرب قد غيرت كل ما في رأسه حول مستقبل فلسطين ومستقبل اللاجئين ومجمل الصراع العربي الإسرائيلي. أضاف بأنه يشعر الآن بأنه شخص مختلف من الناحية الفكرية والتطلعية، وإن الآمال لديه قد بُعثت فيها الحياة، وإن كل التخيلات التي كانت تراوده سابقاً قد أصبحت توقعات من الممكن تحقيقها، وإن تلك الأوهام التي كانت تجوب مخيلته قد انقلبت إلى احتمالية لها فرصة قوية للانبثاق إلى واقع. قال بأن مجمل تكوينه النفسي والفكري حول القضية الفلسطينية يشهد تحولات جذرية.

 

يقول هذا اللاجئ المعروف بمواقفه الصلبة بخصوص القضية الفلسطينية وعودة اللاجئين الفلسطينيين إنه كان يتحدث كثيراً عن حق اللاجئين في العودة، وإنه كان يكرر دائماً إصراره على العودة إلى المنسي التي يجب ألا تنسى، لكنه لم يكن أبداً مقتنعاً في سريرة نفسه بأن ذلك سيتحقق، وإنه كان يشعر بأنه مجرد مزايد سياسي يخدع نفسه ويحاول خداع الآخرين، كما أن تقديره هو أن الآخرين أيضا كانوا يخادعون أنفسهم وغيرهم. علل ذلك بقوله بأن الهزائم لا يمكن أن تكون انتصارات تعيد الحقوق للناس، وبأن تاريخ الحروب العربية – الإسرائيلية لا يولد سوى الإحباط والتشاؤم والأوهام حول استعادة الحقوق. كيف، وهو يتساءل، لدول مهزومة أن تنصر الحقوق، وكيف لأمم متحدة لا تعترف إلا بالقوة أن تعمل على تنفيذ قرار الجمعية العامة رقم 194 الخاص بعودة اللاجئين، وكيف لمنظمة التحرير أن تفعل ذلك وهي مستمرة بالتراجع والانخفاض في سقف مطالبها؟ هل للساحة الدولية أن تنتصر للفقراء والضعفاء والمظلومين؟ يهز رأسه ويجيب بأن ذلك لن يحصل.

 

كان يظن هذا اللاجئ أن حياته عبارة عن مسلسل متصل من الهزائم والذل والاندحار والكذب على الذات، لكن ظنونه اندحرت أمام صمود حزب الله وإفشال الهجوم الإسرائيلي على لبنان. يقول بأنه صحا على نفسه وهو يرى مجريات الحرب والخسائر الجسيمة التي تكبدتها “إسرائيل” ليجد العالم من حوله يتغير، وأن العرب يمكن أن ينتصروا على “إسرائيل”، وبإمكانهم أن يغيروا مجرى التاريخ. لقد فاجأته الحرب بأنه لا يوجد جندي واحد لحزب الله أصيب برصاص في الظهر، وفاجأه جنود العدو وهم يقولون بأنهم يقاتلون أناساً لا يهابون الموت ويقدمون عروضاً فريدة في الشجاعة والإرادة القتالية الصلبة.

 

لم يخف هذا اللاجئ الذي له من العمر الآن 59 عاماً خوفه من الدجل الإعلامي أثناء الحرب إذ قال بأنه كان يترنم طرباً على سماع أخبار الجبهة في مارون الراس وبنت جبيل وعيتا الشعب والخيام، لكن الهواجس كانت تلاحق طربه خشية أن يكون كذب معارك 67 و 82 يلاحقه ويصبغ ما يسمع. لكنه كان يشعر بنوع من الطمأنينة عندما كان يتذكر بأن وسائل الإعلام الآن مختلفة عن تلك التي كانت، وأن هامش تمرير الكذب قد تقلص إلى حد كبير.

 

المنسي الآن، بالنسبة له، ليست منسية، وهي حية ليست في الذاكرة فقط وإنما هي تنتظر أحباءها الذين سيحزمون أمتعتهم خلال سنين ليست طويلة عائدين إليها. إذا كان ذلك الجيش الجرار بالعدد والعُدد قد اندحر أمام تنظيم إسلامي عظيم بإرادته قليل بعدده كثير بنفيره، فماذا هو صانع أمام حشد عربي- إسلامي ضخم يؤمن بربه ويتسلح بعقيدة صلبة وبإقبال على الشهادة؟ يقول هذا اللاجئ بأنه من الأجدى لليهود أن يرحلوا الآن وفي المتسع من الوقت قبل أن يأتيهم الطوفان. عليهم أن يعلموا أن حزب الله لم يولد ليموت، وإنما ولد لينمو، وأن الحزب يترعرع الآن في نفوس مئات الملايين من المسلمين والعرب الذين تعلموا الدرس ويبحثون في داخل أنفسهم عما يمكن أن يفعلوه من أجل تصعيد المقاومة ضد “إسرائيل” وأعوانها من أهل الغرب والشرق.

 

ماتت تلك المقولات الاستسلامية التي كانت تبرر التراجع والهزائم بناء على ثقل الواقع المر، وتبدلت الجدليات لتصبح بأن الواقع يصنعه أصحاب الإرادة الصلبة الذين يكرسون جهودهم لتحقيق ما هم مقتنعون به. نظريات الهزائم، بالنسبة لهذا المتفائل، قد هزمت، وهي في طريقها إلى التلاشي، وأصحابها في طريقهم إلى الاختفاء.

 

إنه يحلل قائلاً بأن “إسرائيل” ساقطة من الناحية الاستراتيجية. صحيح أنها قوية عسكرياً وتملك المعدات والأدوات القتالية الفتاكة، لكن يبدو أن الضعف العربي هو أفضل ما يخدم أهدافها ويجعلها على هذا المستوى من الغطرسة والاستهتار بالعرب. استغلت “إسرائيل” الضعف العربي أفضل استغلال، واستطاعت، عبر الهزائم التي ألحقتها بالعرب، أن تغرس الهزيمة في نفوس الناس حتى باتوا لا يرون إمكانية لمحاربتها وإلحاق الهزيمة بها، وأن تجعلهم يظنون أن وجودها عبارة عن قدر محتوم لا مفر منه. عاش العرب وعلى رأسهم قياداتهم تحت وهم ذلك الكيان الخارق، ولم يلتفتوا كثيراً إلى أن العلم والمعرفة والإدارة الجيدة توصل في النهاية إلى الأهداف المرجوة. لكن المهم الآن أن تكون للعرب أهداف ورؤية، والبقية هي من شأن التصميم والإرادة والعقل العلمي.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات