الثلاثاء 23/أبريل/2024

خريطة الشرق الأوسط الجديد

خريطة الشرق الأوسط الجديد

خلال الحرب العالمية الأولى كان الحلفاء يرسمون خريطة للشرق الأوسط، تقسم فيه أراضيه، وتتوزع دوله بين بريطانيا وفرنسا.

وخلال الحرب العالمية الأولى صدر وعد بلفور(2/11/1917) مانحا فلسطين وطنا قوميا لليهود ! كما طبخ اتفاق سايكس بيكو ونفذ على الأرض، بعد أن تمت هزيمة الدولة العثمانية، وأخرجت جيوشها من الأقطار العربية.

انتهت الحرب لتجد الشعوب العربية أنفسها مقسمة بين دول وحدود سياسية حالت دون انتقال المواطن بين قطر وآخر، بعد أن كان ينتقل من المشرق إلى المغرب، أو بين المدن والأقطار، دون حاجة إلى إذن أو تصريح، وانتهت الحرب لتظهر دول في المشرق والمغرب، بحدود سياسية ثابتة، ووصاية أو استعمار فرنسي هنا، وانجليزي هناك، لتبدأ الشعوب ثوراتها على مستعمريها، تلك الثورات التي سفكت فيها أنهار من الدماء حتى تحررت معظم الأقطار العربية واستقلت. ولكن ذلك الاستقلال ظل ضمن حدود القطر الذي أصبحت خطوط سايكس بيكو فيه خطوطا مقدسة لا يمكن تجاوزها أو الخروج عليها.

وهكذا تشكلت دول الشرق الأوسط سياسيا بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، ومع مرور الزمن أصبح للحدود التي رسمتها القوى الاستعمارية صفة القداسة، يدافع عنها حكام كل قطر كما تدافع عنها شعوب تلك الأقطار، وأصبح ضم جزأين أو قطرين، كانا بالأمس قطرا واحدا، دونه خرط القتاد والأهوال، وهكذا نعمت الشعوب بما سمي بالاستقلال، وقر في نفوسها أن أهم سمات الاستقلال الحفاظ على الحدود التي رسمها ( الاستعمار) واتخاذ كل قطر علما مستقلا ونشيدا وطنيا ومطارا……..، وقد نعمت بعض شعوب تلك الأقطار برغد العيش ورفاهية الحياة، بسبب النفط، وعانت شعوب الأقطار الأخرى شظف العيش وقلة الموارد، ليظل العالم العربي مقسما بين دول غنية ودول فقيرة، تتنازعه الأحقاد والضغائن، وتقوم بين دوله وشعوبه صراعات وحروب على الحدود أو المياه أو الثروة، كلفت الأمة الكثير الكثير، وما تزال هذه الصراعات تورث من جيل لجيل، إلى حد أن حجم العداوة والتباغض بين دولتين عربيتين جارتين، يفوق بدرجات حجم كراهيتها للدول التي استعمرتها.

ويبدو أن تلك الآلام والمآسي والصراعات التي يعيشها العالم العربي والتي أودت بمعظم ثروته وطاقة أبنائه، لم تشف غليل الدول الاستعمارية الطامعة في بلادنا وثرواتنا،فدأبوا على تقسيم جديد لهذا الشرق الأوسط الذي يقع على أكبر مخزون نفطي في العالم، ليصبح العراق ثلاث دول : كردية في الشمال، وسنية في الوسط، وشيعية في الجنوب، ولم يكتفوا بجنوب العراق دولة شيعية بل مدوا هذه الدولة لتضم المنطقة الشرقية للسعودية حتى حدود قطر، وهي منطقة غنية بالنفط، كما مدوا هذه الدولة لتضم معظم المنطقة الممتدة على الخليج العربي من إيران الذي يسمونه بالخليج الفارسي.

أما سورية فقد سلخوا منها كل موانئها على البحرالابيض المتوسط وضموها إلى لبنان الذي أسموه لبنان الكبير، وهذا ما فعلوه مع الأردن الذي ضموا له المناطق الشمالية الغربية من السعودية وأسموه الأردن الأكبر.

أما السعودية فقد أقاموا في المنطقة الغربية منها( مكة والمدينة) ولاية المقدسات الإسلامية على نمط الفاتيكان، وأعطوا بعض أراضيها في الجنوب لليمن.

تلك أهم ملامح خريطة الشرق الأوسط الجديد الذي بشرت به السيدة كونداليزا رايس وزيرة خارجية أمريكا خلال زيارتها لبيروت خلال الحرب، ومعها اليوت أبرامز أحد أبرز المحافظين الجدد والعضو في مجلس الأمن القومي، وقالت عن الحرب إنها مخاض لولادة شرق أوسط جديد، فالرهان كان آنذاك على تدمير حزب الله واحتلال الجنوب اللبناني وجر سورية لمواجهة مع إسرائيل لإعادة تحديد الحدود، وفرض الأمر الواقع في العراق، وإخافة السعودية تحت اسم محاربة الإرهاب والإرهابيين، واستخدام إسرائيل كأداة تنفيذ.

يقـول بعض المحللين إن فشل إسرائيـل في تحقيق نصر على حزب الله في لبنان هو الذي حال دون تنفيذ خريطة جديدة للشرق الأوسط، ونحن نقول إن هذه الخريطة برسم الانجاز، وإذا كانت الظروف غير مؤاتية الآن فلا أحد يعلم ماذا يخبئ الغد، فانتبهوا أيها الحكام والساسة العرب قبل أن نغرق أكثر وأكثر في صراعات الحدود والطوائف والكانتونات، فما نراه اليوم من صراع وذبح وإبادة في العراق هو جزء بسيط من الصورة التي ستكون عليها الأقطار العربية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيد واصابتان برصاص الاحتلال في أريحا

شهيد واصابتان برصاص الاحتلال في أريحا

أريحا - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مواطن وأصيب آخران بجروح - فجر الثلاثاء- برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، خلال اقتحامها أريحا. وأكد مدير...