الأربعاء 24/أبريل/2024

أسبابٌ للتفاوض مع كوريا الشمالية

أسبابٌ للتفاوض مع كوريا الشمالية

قبل عشر سنوات سافر ممثلون “إسرائيليون” لكوريا الشمالية وهما نائب رئيس الموساد في ذلك الحين افرايم هليفي وايتان بنتسور أحد كبار المسؤولين في وزارة الخارجية حيث وجهت دعوة لكل منهما على انفراد للبحث في صفقات بيع الصواريخ التي تقوم بها كوريا الشمالية لبعض الدول في الشرق الأوسط . الكوريون الشماليون أوضحوا بأنهم يتوقعون الحصول على ثمن مالي هام من “إسرائيل” مقابل موافقتهم على الأمور المطلوبة. المسؤولين “الإسرائيليين” توجها منفصلين أيضا من بيونغ يانغ إلى واشنطن لتدارس الموقف الأمريكي من المسألة.

كل واحد منهما عاد مع توصيات و استخلاصات مختلفة. هليفي فهم أن الأمريكيين قد عارضوا الاقتراح و أن من الأجدر توخي الحذر وعدم الدخول بين أرجلهم في الدولة التي توجد لهم فيها مصالح مهمة حيث يوجد جيشهم في كوريا الجنوبية المجاورة .

أما بنتسور فقد قال إن من المحظور رفض اقتراح كوريا الشمالية. ورئيس الحكومة اسحق رابين حسم المسألة بتأييد موقف هليفي بعد أن وعدته الولايات المتحدة بمعالجة قضية تصدير الصواريخ الكورية للشرق الأوسط معتقدة أنه من الأفضل التركيز على المشكلة النووية أولاً ومن ثم الاهتمام بقضية الصواريخ . وبهذه الطريقة انتقل ملف كوريا الشمالية كله للأمريكيين . في عام 1994 تم التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية (الذي اخترق الآن) تعهدت في إطاره بتجميد مشروعها النووي . أما في قضية الصواريخ فقد ازدادت المشكلة حدة بدرجة كبيرة.

“إسرائيل” لم تتصرف الآن كما فعلت قبل عشر سنوات . عندما اتضح أن إيران تحاول الحصول على صواريخ أرض – أرض قادرة على الوصول حتى “إسرائيل” وتقوم أيضا ببلورة وتطوير خطة نووية عسكرية بمساعدة الروس والصينيين – “إسرائيل” سارت في مسار منفرد خاص بها. صحيح أنها قامت بتنسيق خطواتها مع واشنطن ولكنها تصرفت وما زالت حتى الآن بصورة منفردة في مواجهة روسيا في كل ما يتعلق بتسرب التكنولوجيا النووية ، وهكذا تفعل مع الصين أيضا. في هذه الحالة كان سير “إسرائيل” بصورة منفصلة أكثر وضوحاً رغم التنسيق مع واشنطن. كما طلبت من قادة بكين أن لا يحدقوها بالخطر في صفقاتهم المعقودة مع الشرق الأوسط وحصلت على وعود في هذا المضمار. وفي بعض الأحيان قامت بإغضاب الأمريكيين الذين اتهموها بالمخاطرة بالاستقرار الإقليمي. هذا ما حدث مثلاً مع صفقة طائرات الفالكون مع الصين وفي الصفقات المتعلقة بتكنولوجيا طائرة لافي .

الملابسات التي سادت إبان الاتصالات “الإسرائيلية”  مع كوريا الشمالية في عام 1992 تختلف عن الظروف السائدة اليوم . فالأزمة مع كوريا الشمالية تجري اليوم على أرضية الهجمة المتوقعة على العراق ، رغم وضوح اقتراب كوريا الشمالية من الحصول على السلاح النووي، إلا أن أمريكا تعرض عليها حلاً سلمياً للمسألة بل وتعدها بزيادة المساعدة الاقتصادية . والإدارة الجديدة في كوريا الجنوبية تقترح من جانبها مفاوضات مغرية لعقد تسوية اقتصادية – أمنية جديدة من اجل طمأنة كوريا الشمالية. و”إسرائيل” أيضا لا تستطيع تجاهل تزايد المخاطر التي تلوح من جانب كوريا الشمالية في الشرق الأوسط خلال العقد الأخير، فهذا البلد يرتبط بالخطط الصاروخية السورية والإيرانية والليبية واليمنية. وشحنة الصواريخ الأخيرة لليمن التي كانت في طريقها للعراق، على ما يبدو، تم اعتراضها في الآونة الأخيرة. كما عقدت مصر هي الأخرى صفقة لشراء 50 محرك لصواريخ نو – دونغ البعيدة المدى، إلا أن الصفقة ألغيت بضغط أمريكي.

و إذا لم تسوّ الأزمة حول المشروع الكوري النووي فهناك خطر بأن تبيع بيونغ يانغ التكنولوجيا النووية للشرق الأوسط وأن لا تقتصر على بيع الصواريخ . الأمر يتعلق بدولة تسير بسهولة نحو حافة المواجهة ومستعدة لخوض مخاطر كبيرة وتبحث عن تحالف جديد ضد أمريكا مع شركاء مثل إيران وليبيا وسوريا واليمن، تحالف سيكون بالضرورة مناهضا “لإسرائيل” .

ومن هنا يمكن القول إن تحركات كوريا الشمالية في الشرق الأوسط تنطوي على خطر جدي “لإسرائيل” ، وهذا الخطر سيزداد حدة إذا تعمقت الأزمة. وفي ظل هذا الوضع توجد أهمية هائلة للتنسيق مع واشنطن، ولكن هذا لا يعني أن على “إسرائيل” أن تكون لاعبا أخرس ينتظر قيام واشنطن بالمهمة كلها عنه. ولدى “إسرائيل” أسباب جيدة للاحتفاظ بعلاقة مباشرة خاصة بها مع كوريا الشمالية كما كانت قد فعلت مع الصين وروسيا.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

جامايكا تعلن الاعتراف بدولة فلسطين

جامايكا تعلن الاعتراف بدولة فلسطين

كينجستون – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزيرة الخارجية والتجارة الخارجية في دولة جامايكا، اليوم الأربعاء، أن دولتها اعترفت رسميًا بدولة فلسطين....