خط مباشر ـ انتهى تاريخ الصلاحية!
بينما كان ممثلون عن منظمتي «فتح» و«حماس» الفلسطينيتين يضعون اللمسات النهائية على بيان مشترك لاختتام اجتماع لهما في مكان ما في مصر حدثت واقعتان متناقضتان في الأرض الفلسطينية. من ناحية كانت دبابات العدو تجتاح نابلس وصواريخه تدك غزة. ومن ناحية أخرى كان القائد السابق لجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني جبريل الرجوب يسفه العمليات الاستشهادية ويحقر من شأن «حماس» وأسلوبها النضالي.
هذه الصورة بعناصرها الرئيسية الثلاثة، تعكس لنا إحدى السلبيات العظمى التي تواجه مسيرة الكفاح الفلسطيني. فبينما تتعامل سلطة الاحتلال مع جماهير الشعب الشقيق بأقصى درجات القسوة الوحشية ولا تفرق بين معتدل أو متطرف، ولا حتى بين رجل أو امرأة أو طفل أو رضيع، وبينما تبذل كوادر المقاومة المسلحة بفصائلها المتعددة كل ما هو متاح لها من أدوات الجهاد بما في ذلك التضحية بالذات، نجد هناك من ينأون بأنفسهم عن الميدان إيثاراً للسلامة.. ومن ثم يمارسون عن بعد عادة التشكيك في النضال والمناضلين.
لقد عقد الاجتماع بين ممثلي «فتح» و«حماس» في أعقاب زوبعة أثارها قياديو «فتح» بشأن العمليات الاستشهادية اعتراضاً واستنكاراً. ومن الواضح أن هؤلاء القياديين كانوا يتحدثون بلسان الرئيس عرفات والسلطة الفلسطينية، ورغم أن الاجتماع انتهى إلى بيان مشترك اتفقت فيه المنظمتان على «بحث واتخاذ كافة التدابير اللازمة لوقف عدوان قوات الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني». إلا أن دوافع «فتح» ومن ورائها السلطة الفلسطينية تبقى غريبة ومريبة. فهي في بعض الأحيان تعلن أن اعتراضها على العمل الاستشهادي ينحصر في العمليات التي تطال مدنيين إسرائيليين.. وفي أحيان أخرى تعلن أنها ضد أي عمليات تشن داخل “إسرائيل” على الإطلاق.. وفي أغلب الأحيان يقول قادة من «فتح» إنهم ضد العمل الاستشهادي» من حيث المبدأ سواء استهدف أهدافاً مدنية أو عسكرية إسرائيلية.
ولا تتوقف الريبة عند هذا الحد فقادة «فتح» يحتجون لدى قادة «حماس» لكنهم لا يحتجون لدى قادة الفصائل المسلحة الأخرى عندما تقوم أيضاً بعمليات استشهادية.. علماً أن من بين هذه الفصائل المسلحة فصيل «كتائب الأقصى» المفترض أن يكون الذراع العسكرية لتنظيم «فتح» نفسه.
إن جبريل الرجوب أحد قيادات «فتح» وفي حديث أدلى به لوكالة «رويترز» للأخبار في مدينة رام الله أثناء انعقاد اجتماع «فتح» و«حماس» في مصر شن هجوماً كاسحاً على «حماس» وقيادتها. وكان هذا غريبا فمناسبة الهجوم كانت حادثة الهجوم الفلسطيني على مزرعة يهودية سقط فيها خمسة قتلى إسرائيليين. ووجه الغرابة أن هذه العملية لم تقم بها «حماس» وإنما قامت بها «كتائب الأقصى».
لقد اتكأ الرجوب على هذه الحادثة ليوجه هجوماً إلى «حماس» وكأنه ظل يتحين أي فرصة للنيل من هذا التنظيم الإسلامي الجسور انطلاقاً من حقد دفين راسخ.
قال الرجوب: «إن حماس تكون مخطئة إذا اعتقدت أنها قادرة على فرض أجندتها السياسية على الشعب الفلسطيني»، وقال: «إن فتح والسلطة لن تتنازلا عن مبدأ وحدانية السلطة وضبط الإيقاع السياسي».
إن ما يستخلص من الهجوم غير المبرر لجبريل الرجوب على حركة «حماس» مما ينسحب أيضاً على شقيقتها «الجهاد» مع التركيز على «شرعية السلطة الفلسطينية» يعكس خط تفكير قيادة السلطة وطبيعة هذا الخط. فهذا الخط التفكيري لا ينطلق بحال من الأحوال من ضرورات ومتطلبات العمل النضالي ضد الاحتلال الإسرائيلي وإنما من دوافع ذاتية يائسة لفرض هيمنة سلطوية على «حماس» نابعة من خوف متعاظم من تنامي شعبية هذا التنظيم الإسلامي بين جماهير الشعب الفلسطيني بمختلف فئاتها.
وأقول إنها دوافع «يائسة» لأن السلطة الفلسطينية تدرك أكثر من غيرها أنها لم تعد إلا اسماً أو في أفضل الأحوال أطلال كيان سلطوي من أثر الضربات القاصمة المتتالية التي وجهها إليها أرييل شارون.
قيادة السلطة الفلسطينية تسعى أذن سعياً يائساً إلى استرداد قوتها لكنه سعي في الاتجاه الخطأ فعوضاً عن دخولها غمار المواجهة المسلحة ضد قوات شارون لتستعيد بذلك ثقة الشعب الفلسطيني فإنها فيما يبدو قررت اتخاذ الطريق السهل ـ أي توجيه غضبها نحو «حماس».
لكن هل هو طريق سهل فعلاً؟
إن ما تبقى لدى السلطة الفلسطينية من قوات أمنية مهلهلة النسج لن يكون نداً لقوات «حماس». لكن ماذا تستفيد «حماس» من اندلاع حرب أهلية على حساب النضال ضد الاحتلال؟ هكذا يفكر قادة «حماس» وهو تفكير يختلف جوهرياً عن طريقة تفكير قيادة السلطة.
وفي الحقيقة إن العناصر القيادية في السلطة الفلسطينية وتنظيمها العتيق «فتح» قد تجاوزت تاريخ صلاحيتها، فمع تصاعد وتيرة النضال المسلح الذي يمثل العمل الاستشهادي أعلى ذراه يتضاءل يوماً بعد يوم نهج المناورات التقليدي الذي ظل يمارسه لمدى عقود متصلة رجال لا يحركهم سوى الطموح الذاتي الانحرافي الذي لا يستهوى أصحابه سوى أساليب الفساد.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
الدفاع المدني: انتهاء البحث وانتشال الشهداء في مجمع ناصر الطبي
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلن الدفاع المدني الفلسطيني في قطاع غزة، اليوم الجمعة، انتهاء أعمال البحث وانتشال الشهداء من المقابر الجماعية في...
حماس تحذر من خطورة التصعيد الصهيوني في المسجد الأقصى
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس، اليوم الجمعة، أن الإجراءات التي تفرضها سلطات الاحتلال الصهيوني على المصلين في المسجد الأقصى المبارك،...
الأورومتوسطي: الصيف القائظ يفاقم معاناة النازحين بغزة في ظل استمرار العدوان
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن معاناة النازحين الفلسطينيين بفعل الهجوم العسكري الإسرائيلي المستمر...
تقرير أممي: دفن أكثر من 20 فلسطينا أحياء في مجمع ناصر الطبي
نيويورك – المركز الفلسطيني للإعلام أعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الأممي (تابع للأمم المتحدة)، الجمعة، أنه تم التعرف على 165 جثة فقط من أصل 392...
المقابر الجماعية بغزة.. هكذا تفنن الاحتلال بتعذيب ضحاياه قبل قتلهم
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام لم تنته قصة المئات من المواطنين المحاصرين في داخل ومحيط مجمع ناصر الطبي بمدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، منذ أربعة أشهر،...
نعتهما الجماعة الإسلامية.. شهيدان باستهداف مُسيّرة إسرائيلية لمركبة بلبنان
بيروت – المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شخصان، اليوم الجمعة، في استهداف من طائرة مسيّرة إسرائيلية لمركبة بمنطقة البقاع الغربي في لبنان. وأعلنت...
إصابة بن غفير بحادث سير
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام أصيب وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، اليوم الجمعة، إثر تعرضه لحادث سير....