الجمعة 26/أبريل/2024

تحية للشهيد «أبو شنب»

تحية للشهيد «أبو شنب»

استشهد المهندس إسماعيل أبو شنب، «53 سنة»، أحد القادة السياسيين المؤسسين في حركة حماس، نتيجة عدوان آثم شنَّته مروحيات الاحتلال الصهيوني مدعمة بطائرات إف 16 قامت بإطلاق ستة صواريخ استهدفت سيارته قرب وكالة غوث اللاجئين في حي صبرا بمدينة غزة، واستشهد معه اثنان من مرافقيه. وكانت قوة الاحتلال قد عززت وجودها في المدن الفلسطينية بعد عملية استشهادية تمت في القدس الغربية في تمام الساعة التاسعة من مساء الثلاثاء 19 أغسطس 2003 عند شارع 1 قرب فندق الزيتون. وقتل فيها عشرون من المحتلين الصهاينة المتشددين وجرح ما يزيد على مئة منهم. وقام بالعملية طالب ماجستير فلسطيني هو رائد عبد الحميد مسك «29سنة» انتقاماً منه للشهيد محمد سدر ورفاقه من عناصر حماس والجهاد الإسلامي وفتح الذين اغتالتهم قوة الاحتلال في الأسبوع الماضي.

 

ورأت فصائل المقاومة وبعض السياسيين والمراقبين أن الصواريخ التي وجهت للشهيد أبو شنب كانت الرصاصة الأخيرة ضد الهدنة والجهود الدولية.

 

وعملياً لم يتوقف الكيان الصهيوني عن تدمير الهدنة التي أعلنتها الفصائل بالاتفاق مع السلطة الفلسطينية في 29 يونيو الماضي، ولم يكف عن التهديد والتصعيد منذ «قبوله خريطة الطريق»، ولم يكن لديه سوى الخداع والمناورة في كل ما يتصل بها وبالعملية السلمية، وقام بكل ما من شأنه أن يظهر الفلسطينيين: سلطة ومقاومة، وحزب الله واللبنانيين والسوريين وجامعة الدول العربية وإيران..إلخ بمظهر المسئولين عن عدم تنفيذ الخريطة الفخ، وعن التوتر والتصعيد اللذين يقوم بهما في المنطقة، وعن الاختراقات المتكررة للهدنة من جانبه.

 

وفي العمق لم يتوقف حليفه الأميركي عن تحريض السلطة على قتال المقاومة، ولا عن دعم الكيان الصهيوني وتحريضه سواء أكان ذلك بالمواقف أم بالمال والتصريحات للقيام بكل ما من شأنه أن يوصل المنطقة إلى أوضاع متفجرة، ويجعل الفلسطينيين يقتتلون فيما بينهم ويصفي بعضهم بعضاً، لأن ذلك هو المطلب الأساس للحليفين وهو غاية خريطة الطريق ونهايتها.. وإذا كان ذلك لم يقع حتى الآن فلوعيٍ مسئول في الجانب الفلسطيني سلطة ومقاومة يستحق التحية ونسأل الله أن يستمر.

 

وإذا دققنا في خريطة الطريق نجد أن شرطها الأساس كان إنهاء الانتفاضة وتدمير المقاومة بالقوة وتكليف السلطة الفلسطينية القيام بذلك.. وإلا..؟! وعندما توصلت السلطة والمقاومة إلى الهدنة لم يكن تعليق الصهاينة والأميركيين إيجابياً وذكَّروا بضرورة اجتثاث، «استئصال» المقاومة، استئصالها، فقد قال الرئيس جورج بوش في 21 يونيو 2003 «لقد أبلغني أحد بالتقرير وأنا في طريقي إلى هنا. سأصدق التقارير عن (هذه الهدنة) حينما أراها، في ضوء تاريخ الإرهابيين في الشرق الأوسط. والامتحان الحقيقي لحماس والمنظمات الإرهابية هو التفكيك الكامل لشبكاتها الإرهابية».

 

 وقال وزير خارجيته كولن باول في مقابلة مع شبكة أن بي سي التلفزيونية يوم 30 يونيو، «إلا أن وقف إطلاق النار لن يكون كافياً. وعلينا في النهاية أن نصل إلى نقطة تستأصل فيها قدرات الإرهابيين القائمة حالياً لدى هذه المنظمات».

 

لم تكن هناك نية صادقة على الإطلاق في التوجه نحو حلول منصفة من أي نوع لقضية الشعب الفلسطيني العادلة وموضوع الصراع العربي الصهيوني بعد عقود من المعاناة الشديدة، على الرغم من إطلاق المبادرات والتصريحات والحملات الإعلامية، ولم يكن ذلك سوى خداع غربي صهيوني كشفته الممارسات وتكشفه الأيام يوماً بعد يوم والأحداث حدثاً بعد حدث.

 

فلم ينفذ الكيان الصهيوني شيئاً من التزاماته حيال «خريطة الطريق» التي جاءت مقدمة للعودة إلى اتفاق أوسلو من وجهة نظر البعض، وثبت أنها البديل الأشد بؤساً لاتفاق بائس أصلاً، وأنها خدعة وتأسيس لفتنة دموية. ولم يفعل العدو الصهيوني شيئاً بعد الهدنة التي التزمت بها الفصائل مدة شهر ونصف تقريباً سوى العمل على تدميرها وتحميل الفلسطينيين وغيرهم مسئولية ذلك التدمير؟!

 

 لم تكن خريطة الطريق حلاً ولم يقصد بها الحل وإنما كانت في الحقيقة فخاً وفتنة كما أشرت، لقد كانت مجرد جزرة عفنة علقتها أميركا بخيط الخداع أمام عيون بعض العرب، وأبرازها في الإعلام للاستهلاك أمام رأي عام يتلهى بأي شيء يقدمه له الإعلام المسيطَر عليه الصهاينة. ولكي يقدَّم هذا الموضوع بصورة خداع مناسب أخرجت الإدارة الأميركية من جراب الحاوي الذي تحمله: المجموعة الرباعية» وجعلتها تشارك في صياغة خريطة الطريق أو «رؤية الرئيس بوش» التي تضمنها خطابه في 24 يونيو 2002، وكلفتها بأن تروج لتلك الخريطة وتسوِّقها؛ ثم جُمِّدَ دور الرباعية بشكل تام إثر الإعلان عن الخطة الذي جاء بعد سقوط بغداد في 9 أبريل 2003 لأن اللعبة قد انتهت، ولأن الكيان الصهيوني اشترط ألا يكون لأحد غير الولايات المتحدة أي دور فيها.

 

وكان ذلك في أصل اللعبة التي تم الاتفاق عليها، حتى في تفاصيل صوغ خطاب الرئيس بوش المسمى خطاب الرؤية. وإذا كان بيان الرباعية لم يخرج عن حدود ما كانت قد رسمته رؤية الرئيس بوش في خطاب الرابع والعشرين من يونيو 2002، فمن الضروري أن نؤكد على أن ذلك الخطاب كان ورقته التي أعدها بمعرفته ثلاثة صهاينة هم:

 العميد موشي كبلينسكي ورئيس الموساد إفراييم هاليفي والمبعوث الشخصي لشارون أرييه غنغار، الذين تعاونوا مع نظراء لهم في الإدارة الأميركية ومع «إيباك» حتى جاءت النتيجة على هذا القدر من التطابق؛ وقامت هذه المجموعة كما يقول الصهيوني دان مرغليت، ببلورة كل التفاصيل فيما أصبح يعرف لديهم بـ«القائمة»، التي أُنضِجَت في أثناء (وبعد انتهاء) زيارة شارون السادسة لواشنطن. و«القائمة» هي النص الذي أصبح يحمل اسم خطاب بوش أو خطاب الرؤية؟!

 

 وما أخفي في الأدراج من «القائمة» يتم تنفيذه الآن بأشكال مختلفة من خلال حلفاء الطرفين وأصدقائهم واللجان التي تعمل لخدمة مصالحهم تحت غطاء دولي أو «مستقل»، ومن خلال مبعوثين للإشراف على تنفيذ الخطة يسميهم الرئيس بوش اختصروا باليهودي الصهيوني جون وولف المكلف بالإشراف على التنفيذ بدلاً من إشراف الرباعية التي غابت.

 

 وحسب الاتفاق الخفي قدم شارون في تظاهرة إعلامية كبيرة قبل موعد الإعلان عن خريطة الطريق اعتراضاً تضمن أكثر من مئة نقطة مما جاء فيها، فقيل أمام الرباعية والعرب: إن الخريطة لن تعدَّل؟ وقيل لشارون وحكومته ومجموعات الضغط الصهيونية: إن الإدارة الأميركية ستعالج كل ما من شأنه أن يزعج «إسرائيل» في أثناء تنفيذ الخطة»؟!

 

 واستجاب الفلسطينيون لرغبة «المجتمع الدولي»، ناضلوا واجتهدوا فكانت هناك هدنة مدتها ثلاثة أشهر يجري في ظلها تنفيذ بعض الخطوات المرسومة في الخريطة من دون اللجوء إلى «الحرب الأهلية التي يطلبها شارون ويباركها بوش، ولكن ذلك كان يصطدم بالتصعيد الصهيوني الذي يطلب دم الفلسطيني بيد الفلسطيني، ولم يتوقف الصهيوني عن القتل والملاحقة والتدمير من دون أن يرتفع من « المجتمع الدولي» صوت يحتج على ذلك.

 

 وبعد مضي شهر ونصف تقريباً على الهدنة بدأ شارون وبطانته الحديث عن صواريخ القسام التي «تقلق إسرائيل»؟!

 يا للعجب؟؟ صواريخ يصنعها حدادون يصل مداها إلى ثلاثة كم في أحسن الأحوال تقلق الكيان الصهيوني الذي يملك رابع ترسانة سلاح في العالم وأقوى جيش عدواني في المنطقة؟! وهو قلق من الخطر الداهم الذي تشكله صواريخ القسام – تذكروا أسلحة الدمار الشامل العراقية التي يتم استخدامها خلال خمس وأربعين دقيقة وهي تهدد الولايات المتحدة والمنطقة والعالم كله!؟ – وبدأ المسئولون في الكيان الصهيوني يستعجلون عناصر السلطة للقيام بالحرب «على الإرهاب»؟!

 

 أي بالحرب الأهلية المطلوبة، ويقومون بكل ما من شأنه جعل الفصائل الفلسطينية التي دخلت في الهدنة باتفاق مع السلطة تنقضها، ليحملوها والسلطة مسئولية ذلك النقض.

 

 في أثناء الوقت الذي مرَّ بين إعلان الخريطة، وإعلان الهدنة، والقضاء عليها باستشهاد القائد السياسي «إسماعيل أبو شنب»، لم يتوقف الاستيطان الذي كان شرطاً من شروط البدايات في التنفيذ بل ازداد عدد المستعمرات، ولم تتوقف ملاحقة قوة الاحتلال لقيادات المقاومة وعناصرها وتصفيتهم وهدم البيوت، ولم يتوقف بناء السور الذي يقضي عملياً على الخريطة ومرجعياتها ويقضم الأرض الفلسطينية ويحاصر الفلسطينيين ويفتت ما بقي من تواصل بين مدنهم وقراهم وبينهم وبين القدس عاصمتهم التاريخية، ولم يتوقف التهديد الصهيوني على إشعال الفتنة بذرائع شتى.

 

 وبعد الزيارة التي قام بها أبو مازن إلى واشنطن وزيارة شارون التي تلتها مباشرة عاد شارون حاملاً هدية ذات دلالة استراتيجية عقائدية وإشارات تكتيكية خفية هي خريطة «إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات وفيها مدينة بابل إحدى مدن العراق المحتل وذات الصلة التاريخية بالذاكرة اليهودية، وبدأ شارون على الفور ملاحقة دموية لعناصر قيادية في المقاومة وتصفيتها، وأخذ يجتاح المدن والقرى من جديد ويناور بفعل ينقضه آخر..

 

 وكان الصوت في فلسطين المحتلة بين الصهاينة يعلو: إن الهدنة قاربت على الانتصاف ولم تقم السلطة بعد بتصفية حماس والجهاد الإسلامي وعناصر فتح وفصائل المقاومة الأخرى، وإن بوش استمع إلى الصوت الفلسطيني وقد يستمع

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

إصابة بن غفير بحادث سير

إصابة بن غفير بحادث سير

القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام أصيب وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، اليوم الجمعة، إثر تعرضه لحادث سير....