السبت 20/أبريل/2024

الأقصى … أين نحن وأنتم ؟

الأقصى … أين نحن وأنتم ؟

إدخال منبر صلاح الدين البارحة إلى باحة المسجد الأقصى انجاز عربي مشكور ، وهو تأكيد على تواصل عربي متصل مع قضية القدس ، ولكن إدخال المنبر فوق الأرض لا يجب أن يحجب عنا رؤية ما تفعله إسرائيل من حفريات تحت الأرض ، ومن تهويد  وطرد من فوقه على أهلنا المقدسيين حقيقية لا يغطيها غربال الخطط السياسية والأكاذيب السلمية التي يطلقها” بيرتس  ” و ” بيرس  “في مؤتمر هرتسيليا المنعقد الآن لصياغة إستراتيجية إسرائيلية تبقي الاحتلال وتمد في عمره  ….  وعلينا أن لا ننسى ونحن متورطون حتى العمى في تفاصيل داخلية وهموم حزبية ، أن انتفاضة الشعب الفلسطيني الثانية قامت من اجل الأقصى وعلى خلفية النفق والحفريات وإجراءات التهويد … والأقصى للتذكير لازال أسيرا بل إن الحفر الذي ينخر في جسده الهزيل أصلا لازال مستمراً، والخطط الإسرائيلية لتهويده من بناء كنس وتوسيع استيطاني أصبحت معلنة بدون حياء ، أما الجدار فانه يلف الآن القدس والدخول إليها أصبح شبه مستحيل إلا بتصريح يومي ، تصوروا أين أصبحنا ؟ صلاتنا وزيارة مقدساتنا تحتاج إلى اذونات أمنية تختزل علاقاتنا مع القدس بساعات ، هذا مسموح فقط لمن ليس لهم أية سوابق أمنية لدى إسرائيل وله حاجة مرضية أو قضية ضرورية ، وهذا يعني أن 90% من الفلسطينيين محرومون من زيارة الأقصى لسبب أو بدونه .

بالمقابل فالموقف الرسمي العربي غارق في تفاصيل العراق وتهديد إيران ، أما الموقف الشعبي فغارق هو بالفتنة المذهبية شيعة وسنة ، أما الموقف الفلسطيني فمشدود نحو حالة الفتنة الفصائلية .

إذاً الكل غارق في همومه الذاتية ومنكفىء على القطرية العربية حتى نحن الفلسطينيين أصبحنا متورطين بذلك ، بالمقابل تمعن إسرائيل في تنفيذ الخطط القديمة والجديدة التي تسلخ القدس عن واقعه الفلسطيني وبعديه العربي والإسلامي .

طبعاً قضية القدس تبرز لنا على الدوام حقيقة الفشل التفاوضي الذي صاغه المفاوض الفلسطيني في أوسلو وطابا والقاهرة واشنطن ، وهو يؤكد أن الحلول الانتقالية التي تطبخها الإدارة الأميركية وتلمح إليها الحكومة الإسرائيلية ما هي إلا إعادة صياغة فاشلة لأوسلو العقيمة التي أعطت الشعب الفلسطيني الفتات وسلطة من ورق وأجلت  بالمقابل القضايا المركزية بينما إسرائيل استغلتها أبشع استغلال فأنجزت الجدار وطوقت القدس وسمنت الاستيطان وبالتالي أكلت الأرض وهي الآن تساومنا على ما تبقى منها على انه الحل الواقعي الذي يجب أن نقبل به ، وإلا فاضربوا رأسكم بالجدار أو اشربوا من بحر غزة .  

إننا مطالبون وأمام التغول الاستيطاني و التهويدي في القدس إدراك حجم ثقل القضية وأهميتها وأولوياتها، وكذلك إدراك ضرورة النفس الطويل الصابر والذكي في التعامل معها ، وكذلك  تشكيل حالة من الوعي الشعبي الإيماني، بوضع قضية القدس والأقصى في مقدمات المطالب مع إيجاد أشكال  دائمة من الارتباط بالأقصى ، وثالثا وضع خطة فاعلة ومستمرة للتحريك من خلال برامج شعبية تعقد المؤتمرات والمهرجانات والمسيرات لتعزيز قضية القدس في قلب كل مسلم ، ورابعا إيجاد هيئة شعبية متحدة وممتدة في كل بلد لدعم الأقصى ماديا وإعلاميا، ، كذلك علينا القيام  بكل مشاريع الدعم المادي والمعنوي لتعزيز الوجود  الفلسطيني ومواجهة الإجراءات الصهيونية ، خامسا تبني سياسات سكانية خاصة لتعميق الوجود الديمغرافي الفلسطيني في القدس ، وسادسا جعل قضية القدس مشروع توحد وإجماع شعبي ورسمي، في مواجهة الفتنة الفصائلية على الصعيد الفلسطيني والفتنة المذهبية على الصعيد الإسلامي ، سابعا نحن بحاجة لتوظيف سلاح المقاطعة ومقاومة التطبيع في معركة القدس .

بقي أن نذكر بما نصح به  الباحث الأمريكي (توماس ريكس) من جامعة (فيلانوفا) الذي خاطب الفلسطينيين بقوله “هل تعرفون ما هي قوتكم كشعب؟ إنها القدس، لقد كنت في منطقة نائية في أقصى جنوب أفغانستان ، نساء صغار، ورجال في مقتبل العمر، وكذلك شيوخ أوشكوا على الموت، ما كان يأتي ذكر اسم هذه المدينة المقدسة على لساني إلا وانهمرت دموعهم” ، هذا هو سر القضية الفلسطينية ويجب أن يكون وقودها نحو انتفاضة فلسطينية ثالثة وإلا ضاعت القدس وضعنا فالبكاء والشعر والأدب على الأقصى … لم يعد يجدي وأصبح مكرراً ومكروراً .

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات