الخميس 28/مارس/2024

مُهَندِسُو المَوت

مُهَندِسُو المَوت
 
مُهَندِسُو المَوت

 

الأسير القسامي محمد عرمان

 

 

معلومات مفصلة تعرض لأول مرة عن أخطر خلية قسامية عملت في الضفة الغربية خلال انتفاضة الأقصى الثانية

 

 

 

 

 

دار النور للنشر

 

إِهداء

إلى من توزع قلبي في حبهم، من هم فوق الأرض أحياء يرزقون في آبار الظلم وفي جبال الوطن الحبيب، يصولون ويجولون ويسومون عدو الله سوء العذاب ليكونوا قدر الله وسيوفه المسلطة على شذاذ الآفاق وقتلة الأنبياء.

إلى أحبة قضوا نحبهم فكانوا نجوماً تتلألأ في سماء الوطن في ليل احلولك ظلامه فاهتدينا بنورهم وكان كل واحد منهم بدراً افتقدناه في الليالي الظلماء.. إلى أخي وتوأم روحي، إلى من قابلته قبل اعتقالي كثيراً حتى صار قطعة مني، أخي وحبيبي من سبقني إلى هناك حيث تواعدنا أكثر من مرة عندما كنا نلتقي.

إليك يا سيد السادة، يا سيد الميدان، يا سيد رام الله ومحيطها هم السادة، ومن يكون السيد إن لم تكن أنت يا سيد، في كل مرة افترقنا بعد لقاء كان كلامنا ليس وداعا بل إلى اللقاء وإن لم يكن في هذه الدنيا ففي جنات عدن وها قد سبقت يا سيد فكنت السيد بلا منازع، وأنا يا سيدي لعلى العهد كما تركتك في رام الله آخر مرة التقينا وتنشقنا هواءها وكما كنت آخر مرة حين تركت رام الله وفلسطين ورشاشك يزغرد ولسان حالك يقول ” حتى وأنا مرتحل إلى دار الخلد لن يسكت رشاشي” إليك يا سيدي” الشهيد سيد الشيخ قاسم إلى الشهيد حسنين رمانة لم أعرفك في الآونة الأخيرة ولكني كنت أعرفك منذ كنت تكتب الشعر لطلابك. وآخر مرة عرفتك فيها تكتب في أجساد شذاذ الآفاق أننا هنا باقون ما بقي الزعتر والزيتون إلى الشهيد الحبيب القائد الرباني صالح تلاحمة ” أبو مصعب”.

الذي ارتقى إلى العلا، وأي حب كان يجمع بين سيد وصالح؛ فمن شدة صدق هذا الحب في الله، سبقونا مرتحلين إلى جنة الخلد معاً وإلى حبيبي وسيدي القائد الذي لقبته بالشيخ وإنه لشرف لي أن أطلقت عليك هذا الاسم فاقبله هدية متواضعة مني إليك أخي إبراهيم حامد “أبو علي” أهدي هذا العمل، ولكل من سار عل درب ذات الشوكة والله أسأل أن يتقبل منا خالص عملنا إنه سميع مجيب، وأن يجمعنا بمن سبقونا من شهداء فلسطين وشهداء الخلية، الشهيد البطل فؤاد الحوراني بطل عملية مومنت والشهيد البطل محمد جميل بطل عملية ريشون لتسيون، كما لا أنسى أحبتي في الأسر وأخص بالذكر أسرى خليتنا خلية سلوان وليد انجاص ووائل قاسم ووسام عباسي ومحمد عودة وعلاء العباسي إليكم يا كل هؤلاء أهدي هذا العمل والله أسأل أن يفك أسرنا.. آمين.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

تَقديم

من باب الأمانة وتبليغ الرسالة السامية التي حملناها نحن -جند القسام- لا بد لنا أن نغرس ما بِيَدِنا لِيَأكل غيرنا كما غرس الذين من قبلنا فأكلنا نحن من غراسهم. والذي دعاني لأن أتشجع وأقدم على كتابة هذه التجربة البسيطة من العمل العسكري، ومن باب أن نعرف قدر أنفسنا كما صوره الإعلام، ومن إلحاحٍ كثيرٍ من الإخوة على تسجيل هذه التجربة لتكون بين أيدي غيرنا من الذين ينتظرون وما بدلوا تبديلا، رأيت بعد التوفيق من الله أن أكتب هذه التجربة بأسلوبٍ قصصي ومبوب، يقرأ من خلاله المتصفح الكريم ما بين السطور فوائد وأموراً تلزم في مثل هذا العمل. وفي هذه التجربة أجوبة على أسئلةٍ كثيرة طرحت علي وكان من واجبي أن أجعل منها مادة ثريةً بالمعلومات والفائدة. وقد استلهمت في كتابتي هذه تجارب كنت قد قرأتها وحاولت أن أستفيد منها قدر الإمكان، فكان التحصن في مواقع الخلل عند غيرنا والإبداع في أماكن النجاح عند غيرنا كذلك، ولأن تراكم هذه التجارب للباحث سيشكل مادة غزيرة من المعلومات والفوائد تُسَهل عليه عملية البحث والتنقيب عن مثل هذه المعلومات التي يشكل السؤال عنها بحد ذاته تهمة تُدخل صاحبها السجن، ومن خلالِ هذه الصفحات التي حاولت أن أسرد فيها سيرة خليتنا “خلية سلوان” وأن أملأها بالمعلومات التي كنت أبحث عنها شخصياً، ولأُريح الباحث عناءَ ومشقة البحث، والمخاطر المترتبة عليه، ففي هذه الصفحات كل أعمالنا من بداية العمل الأولى وحتى اعتقالنا، وهناك عناوين وتعليقات على كل عملية وأين نجحنا وأين أخفقنا، وفيها توضيح لماذا استخدمنا أسلوباً ولم نستخدم أسلوباً آخر، فالهدف ليس سرد رواية بل إثراء من يقرأ بالمعلومات والفائدة، وهدف آخر هو التأريخ للمقاومة الذي يريد البعض أن يَمحُوه ولا يراه حتى يؤنبه ضميرُه فكان لزاماً علينا أن نسجل هذه الصفحات ليقرأها أبناؤنا وأحفادنا من بعدنا فلا ندري هل نخرج يوماً من هذه السجون أم لا، وطالما بقي الحال هكذا في التعامل مع قضية الأسرى فهذا لا يبشر بخير. هذا الموضوع الإنساني الحساس الذي عجزت المقاومة أن تحقق فيه اختراقاً حتى اللحظة. وشيء لا بد من ذكره وهو أنني قرأت في الخارج عدة تجارب للقسامين العظام منها “عمليات الثأر المقدس” للأسير حسن سلامة و “المقاومة بين النظرية والتطبيق” للأسير محمود عيسى، ومذكرات الشهيد عوض سلمي وقد استفدنا منها جيداً في عملنا هذا والآن أنا أسجل سيرتنا آملاً من الله أن ينفع بها القارئ.

الأسير محمد عرمان

“أبو بلال”

 

 

البداية

لقد كانت البداية في قرية “خربثا بني حارث” قضاء رام الله، وكان السبب هو الأخ (وليد عبد العزيز انجاص) حيث كان يدرس في جامعة بيرزيت وقد كان متحمساً جدا لأي عمل عسكري تقوم به فصائل المقاومة وخصوصا كتائب القسام، وكثيراً ما كان يأتي إلي ويقول لي أريد أن نطورَ عملنا بدلاً من كتابة الشعارات والنشاطات الاجتماعية ونرتقي درجة إلى العمل العسكري. وهذا كان بداية العام 2001م إلى أن نضجت الأمور. وذات يوم وفي نهاية 2001م وصلتني رسالة مفادها أن قدم لي عرض للعمل في الجهاز العسكري. بالطبع لقد كان عندي القابلية الكاملة لذلك لعدة أسباب وعوامل منها لقد كنت أمر يومياً بحاجز مُقام على مدخل عين عريك وكان هذا الحاجز ينكل بنا أشد تنكيل وكذلك العامل الأهم وهو وليد، وقد كنت دائماً أضبطه لأنني أعرف أن وليداً متحمس، وكنت أخشى أن أي عرض عليه من هذا النوع ومن أي كان سيتقبله، مع حديثي الدائم له بأن يصبر، ولهذه الظروف لم أفكر في الأمر مرتين، الرسالة من مصدر ثقة وما تتضمنه أبحث عنه وهو ضالتي، لقد كانت الرسالة إضافة إلى العرض تحمل موعداً ومكاناً وكلمةَ سرٍ وبالفعل ذهبت في الموعد وإلى المكان المحدد وكما هو متفق عليه من الرسالة تعارفنا من خلال كلمة السر.

من هو الشخص الذي قابلته:

لقد كان الأخ الحبيب الذي أسأل الله أن يفك أسره وأسرنا جميعاً، إنه حبيبي وقرة عيني إبراهيم حامد “أ. علي” من قرية “سلواد” قضاء رام الله، لقد كان اللقاء الأول في منتزه بلدية البيرة في مدينة البيرة، وكانت برفقته طفلته الصغيرة “سلمى” ودار بيننا حديث عن إمكاناتنا فأخبرته أننا لا نملك إلا أنفسنا. وتحدثنا عن الأساليب التي نفضل أن نعمل بها فكان توافق بيننا أنه في هذه المرحلة وخصوصا بعد أحداث 11-9-2001م تغير الرأي العام الدولي ولم يعد يتقبل فكرة أن شخصا يفجر نفسه وهو يدافع عن أرضه فكان لا بد لنا من قراءة الواقع وملاحظة مزاج الرأي العام الدولي وأن لا نُحَمل أنفسنا وشعبنا فوق طاقته فكان الاتفاق على مهاجمة العسكر في الضفة من خلال نقاط التفتيش والحواجز التي تقطع أوصال المدن والقرى. وكان من قناعة أخي إبراهيم “أ. علي” التوجه لضرب الآلة العسكرية باعتبارها حامية وآلة الاحتلال الباطشة ولا بد من كسرها وتوجيه الضربات إليها وكان من توجيهاته في ذلك اللقاء أنه في هذه المرحلة نريد الابتعاد قليلاً عن العمل الاستشهادي للأسباب التي ذكرتها وعلى هذا اتفقنا، وأخبرته أن لدي شخصين آخرين ومن نفس المنطقة وقد أعطيته اسماً مستعاراً وهو أبو معاذ فأصبحت أنا “أبو معاذ” وطبعا هو “أبو علي” واتفقنا أن نلتقي لاحقاً لترتيب آلية العمل المناسب.

من هم الشخصان:

الأول بات معروفاً للذي قرأ ما تقدم، وهو أخي وليد انجاص فرج الله كربه وكما تقدم فهو أحد العوامل التي دفعت بنا للعمل العسكري. أما الثاني فهو حذيفة انجاص وكلاهما من قرية “خربثا بني الحارث” قضاء رام الله، و حذيفة قريب وليد وصديقه وهو كذلك من المتحمسين للعمل العسكري إلا أنه لم يستمر معنا لأسباب سأذكرها لاحقاً -إن شاء الله- وهذان الأخوان كانت لي تجربة معهما في العمل الدعوي والفعاليات الميدانية، فعهدت فيهم الجرأة والطاعة والرغبة والإخلاص، وهذه عناصر أساسية ومهمة جداً لمن يريد العمل العسكري، بالإضافة لمن أراد الإبداع أن يكون لديه عنصر آخر وهو الموهبة، فسيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه لم يتعلم في المعاهد العسكرية ولكن كانت لديه الموهبة لحمل السيف والحراب فكان الإبداع وهذا لا يلغي أن نتعلم، بالعكس العلم العسكري واجب لتطوير هذه الموهبة ولا علم ينفع بدون رغبة وإن توفرت الموهبة فكل ما ذكرنا مكمل لبعضه والنماذج كثيرة في هذا الشأن.

أناس استطاعوا بعون الله أن يعمروا عندما طوردوا وآخرين لم يعمروا يوماً واحداً وهكذا. وأعود لوليد وحذيفة فقد عرضت على كل واحد منهم العمل دون علم الآخر، وقد تلقيت منهم الموافقة والبيعة على الطاعة والإخلاص والإقدام في المنشط والمكره.

عودة اللقاء بالشيخ إبراهيم حامد “أ.علي”:

بعد أن أخذت الموافقة من وليد وحذيفة وكنت قد وعدت “أ.علي” باللقاء لاحقاً بعد اللقاء الأول، وفي هذا اللقاء تم الاتفاق على أن نعمل ونترجم الأفكار على أرض الواقع، وقد كان لا بد لنا من التأسيس للخلية فنحن لا نملك حتى اللحظة السلاح الناري ولا المتفجر، وكنا نميل نحو التفجير عن بعد خصوصاً بعد أن شرح لي الأخ “أ.علي” نبذة عن الإمكانات التي يمكن أن تتوفر لنا، وفي هذا اللقاء اتفقنا على أن يتم تدريبي على التصنيع للمتفجرات والدو

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات