الجمعة 26/أبريل/2024

عباس إذ يعترف بمفاوضاته السرية

عباس إذ يعترف بمفاوضاته السرية
صحيفة الدستور الأردنية
 
إذا شئنا دقة التوصيف ، فإن مفاوضات السلطة “السرية” مع الحكومة الإسرائيلية لم تكن سرية ، ونحن لم نكن نستند إلى معلومات حين أكدنا مرة إثر أخرى على وجود تلك المفاوضات ، بقدر ما استندنا إلى تحليل سياسي يرى الموقف من كافة الزوايا ، معطوفاً على إدراك لغرام الرئيس الفلسطيني التقليدي بالتفاوض السري بعيداً عن وسائل الإعلام.

ولكن لماذا يعترف الرجل بوجود تلك المفاوضات الآن: بعد شهور من انطلاقها ، وأثناء رحلته إلى واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي الذي يشكل عنصر التسريع الثالث في المفاوضات إضافة إلى طرفيها الرئيسين؟ يأتي الإعلان بعد القناعة بأنه لن يشكل تهديداً لسير المفاوضات ، بقدر ما يهييء الأجواء لاستقبال نتائجها بهدوء ، وذلك بعد أن جرى ترتيب الأجواء المناسبة للإعلان عنها داخل فتح وأروقة السلطة ، إضافة إلى توفير الغطاء العربي اللازم (من دول الاعتدال) ، مع الشروع في العمل على استقطاب سوريا إلى دورة مفاوضات عبثية جديدة كما عبرت عن ذلك رسالة أولمرت إلى دمشق التي حملها أردوغان ، فضلاً عن الضغط المتواصل على حركة حماس من خلال تعميق ورطتها في قطاع غزة.

وفي حين تبقى الصفقة الشاملة هي الطموح الذي لم يتخل عنه المعنيون ، فإن الإصرار عليها قد تراجع بعض الشيء ، ليحل مكانها “اتفاق الإطار” الذي يؤجل القضايا الأساسية إلى سنوات لاحقة ، الأمر الذي يعيدنا إلى قصة الدولة المؤقتة على قطاع غزة وما يتركه الجدار من الضفة الغربية ، لكن ذلك لن يلغي الإشارة إلى قضايا بالغة الأهمية مثل قضية اللاجئين التي تم التنازل عنها عملياً ، وما حديث الرئيس الفلسطيني عن لاجئي لبنان وعدم بقائهم في أماكنهم سوى إشارة إلى العودة إلى مناطق السلطة وليس أراضيهم التي شردوا منها عام 48

يحدث ذلك: أعني اللجوء إلى اتفاق الإطار: أولاً بسبب صعوبة أن يقدم للفلسطينيين صفقة سياسية لا ترتقي إلى مستوى العرض الذي رفضوه في قمة كامب ديفيد عام 2000 ، وثانياً لأن أولمرت لن يتمكن من تقديم الحد المقبول للفلسطينيين فيما يتعلق بالقدس بسبب وضعه السياسي الصعب ، بما في ذلك الأحياء التي ضمت إليها بعد عام 67 ، فضلاً عن بعض الأحياء العربية داخلها ، إلى جانب المعطى السياسي المتعلق بحزب كاديما نفسه ، والذي تأسس على قاعدة مشروع شارون المسمى الحل الانتقالي بعيد المدى ، وهو ذاته مشروع الدولة المؤقتة.

هكذا يغدو تمرير اتفاق الإطار أكثر سهولة للطرفين ، فيما سيكون معقولاً بالنسبة لجورج بوش ، أكان على صعيد شخصي ، أم على صعيد تقوية فرص الحزب الجمهوري في الانتخابات المقبلة ، في حين لن تظهر الأنظمة العربية بمظهر من مرّر التنازل عن القدس في عملية التسوية. على أن ذلك كله لن يخفي بحال بؤس الاتفاق الذي نحن بصدده ، ليس فقط لأن الجيمع يدركون أن نهايته لن تصل بحال حدود ما عرض عام 2000 ، بل أيضاً لأن معالم التنازل ستكون ماثلة للعيان تبعاً لحاجة أولمرت إليها ومعه بوش ، وهي متمثلة بالطبع في الإقرار بمبدأ تبادل الأراضي الذي يستند إلى وعد بوش لشارون باعتبار المستوطنات في الضفة الغربية أمراً واقعاً لا يمكن تغييره ، إضافة إلى مبدأ أن العودة ، عودة اللاجئين لن تكون إلى الأراضي المحتلة عام 48 لا يعرف بالطبع كم ستستغرق عملية تنفيذ الجزء الأول المتعلق بمقدمات الدولة المؤقتة التي ستتم غالباً على قاعدة خريطة الطريق ، وتحديداً بندها الأول المتعلق بوقف الإرهاب والتحريض ، وما هي الحوافز التي ستمنح للفلسطينيين (أسرى ، إزالة حواجز ، معونات) من أجل دفعهم للموافقة على اللعبة في الاستفتاء المهزلة. كل ذلك لا يلغي إمكانية الصفقة الشاملة إذا كانت تحت سقف وعد بوش لشارون ، لكننا نعود إلى تأكيد ما قلناه غير مرة ممثلاً في أننا إزاء لعبة لن تستقر ، حتى لو مرت في مراحلها الأولى ، إذ لن يلبث تيار الرفض والمقاومة أن يتجاوزها ويمضي في مسيرة المقاومة والتحرير حتى نهايتها المحتومة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة

الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة

الضفة الغربية - المركز الفلسطيني للإعلام اعتقلت قوات الاحتلال الصهيوني - فجر الجمعة- عددًا من المواطنين خلال حملة دهم نفذتها في أرجاء متفرقة من...