الأربعاء 24/أبريل/2024

ثمن بقاء أولمرت في كرسي الحكومة

ثمن بقاء أولمرت في كرسي الحكومة

اولمرت صاحب قدرة عالية على البقاء ولكنه لا يترك لنا اية بصمات اخرى غير ذلك من بعده، ليس صدفة ان البرنامج التلفزيوني “بقاء” يحظى باعلى نسبة مشاهدة بالمقارنة بالبرامج الاخرى. المشاركون في هذا البرنامج ينتقون بطريقة “نجم يولد” مع فارق واحد: بدلا من اجادة الغناء، يطالبون بالبرهنة عن قدرتهم الجسدية والنفسية حتى يتمكنوا من البقاء فوق جزيرة معزولة نائية. عليهم ان يأكلوا الحشرات والصراصير وان يتحملوا مهمات نفسية وجسدية الى أن ينكسر منافسوهم واحدا بعد الاخر ويعلن عن المتبقي الاخير كمنتصر في المنافسة. مثل منافسة روما القديمة ولكن بصورة حديثة.

في لعبة البقاء السياسي يظهر ايهود المرت كأحد كبار القادرين على البقاء. ليس فقط لان شعرة لم تسقط من رأسه في كل الشبهات والتهم الموجهة اليه. هو ايضا استطاع الخلاص بسهولة من تقرير لجنة فينوغراد. ليس واضحا تماما حتى الان كيف ابتلعت المسؤولية الشخصية الجسيمة التي القتها اللجنة عليه في تقريرها الاول في مصفوفة الكلمات المكرسة لاخفاقات قادة الجيش الاسرائيلي في التقرير النهائي. في الوقت نفسه يتعذب فيه الفريق دان حلوتس من جراء تلك الحرب الفاشلة عبر اعتراف تشاؤمي متكدر في مقابلة مع سيما كدمون في “يديعوت احرونوت”، يعلو اولمرت مزدهرا في صورة القائد الذي سيجلب السلام.

كيف يتم تسويقه كقائد مثالي ونموذجي؟ انجليزيته فصيحة ولديه مظهر جيد وهو معروف في العالم ويفهم في شؤون الاقتصاد ومتزوج من امرأة يحترم الجمهور تواضعها. هو يسافر الى المانيا من قبل ان يصل القنصل الالماني لاسرائيل. خلال زيارته القريبة لليابان سيصطحب معه رجال اعمال كأنهم لا يعقدون الصفقات مع الشرق الاقصى والادنى من دونه. هو يثير اعجاب الاسرائيليين الاصليين من علاقاته الشخصية مع الرئيس جورج بوش: “لقد تأكدنا من الاطول بيننا وقفنا بجانب بعضنا البعض فتبين انني افوقه بسنتمتر واحد”. عما قريب سيستضيف اولمرت قادة العالم في الاحتفال بالذكرى الستين لقيام دولة اسرائيل. الابتسامة عادت الى وجهه فعلا.

قبل مدة غير بعيدة نشر نبأ مفاده ان مكتب رؤوبين ادلر سيكون مسؤولا عن الدعاية عن كاديما في الانتخابات المحلية المتوقعة في شهر تشرين الثاني. بعد عدة ايام الغي الامر. الاعتقاد هو أن لاولمرت مصلحة في تأجيل هذه الانتخابات وايضا تأجيل انتخابات الكنيست قدر الامكان.

امران قد يحدثان حتى ذلك الحين: الجمهور سينسى لبنان أما اولمرت فسيظهر المزيد من جوانب شخصية ويركز على اجندة واحدة: مثلا تعزيز المفاوضات الوهمية حول الاتفاق الوهمي مع الشركاء الوهميين في السلطة الفلسطينية قدر المستطاع والتوجه للانتخابات حول قضية السلام التي قد تتلاشى او لا تتلاشى بعد بوش.

السؤال هو ان كان الائتلاف الحالي سيصمد حتى النهاية ان لم يقطع الجمهور والجهاز السياسي رأس اولمرت حتى الان فلماذا سيفعلون ذلك الان؟ الرد على ذلك بسيط: اغلبية الجمهور باستثناء الليكود الذي لا يستطيع الوصول الى أي مكان مع مقاعده الاثني عشر – وأغلبية السياسيين لا يتحمسون لتقديم موعد الانتخابات، من شبه المؤكد ان يختفي المتقاعدون بنفس السرعة التي ظهروا فيها – كما حدث سابقا مع احزاب مشابهة مثل داش وشينوي – وبالمناسبة هل رأى احد ما افيغدور ليبرمان منذ ان استقال من الحكومة؟

شاس تهدد بالخروج في هذا الموعد او ذاك. ولكن لا يتوجب اخذ ايلي يشاي كنائب لرئيس الوزراء وكوزير للصناعة على محمل الجد. لماذا يخرج من الحكومة ويخاطر بعودة اريه درعي لرئاسة شاس؟ الثلاثة عشر عضو كنيست من كاديما الذين يعرفون بالتأكيد انهم لن يكونوا في مناصبهم في الكنيست القادمة لن يسارعوا بالتأكيد لرفع اياديهم لاسقاط الحكومة. وبالنسبة لتسيبي لفني التي شرعت بالحركة الانقلابية ضد اولمرت لربع ساعة ومن ثم تراجعت عندما صرخ في وجهها “لتستقيلي انت” قد فقدت هي الاخرى بالتأكيد اللحظة السانحة لاسقاط الحكومة الحالية.

اما ايهود باراك صاحب شعار الخروج من الحكومة في سدوت يام فنادم على ذلك. اغلبية الجمهور لن تهضم بعد وعده بانه قد “تغير وقد استخلص العبر من اخطائه”. صعوده نحو القمة ابطأ مما اعتقد وهو بالتأكيد لا يريد وضعا لا يكون فيه رئيس وزراء ولا وزيرا للدفاع. باراك واولمرت يطوران علاقاتهما بنفس الطريقة التي تتزاوج فيها الحلزونات – بحذر.

الدولة التي جرت فيها حملات انتخابية قليلة في موعدها لم تشهد الى قادة قلائل مع بصمات تاريخية. دافيد بن غوريون ترك لنا اقامة الدولة. بيرس ورابين – اوسلو وبيغن – السلام مع مصر وشارون – فك الارتباط. فبماذا ستذكر اولمرت؟ بالقدرة على البقاء.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات