عاجل

الجمعة 19/أبريل/2024

لاجئونا ولاجئوهم

لاجئونا ولاجئوهم

صحيفة البيان الإماراتية

كانت بعض الأصوات اليهودية قد رددت مراراً بأنها ستستخدم ورقة يهود الدول العربية الذين هاجروا إلى فلسطين قبل قيام دولة الكيان الصهيوني عام 1948 وما بعد ذلك، بأنه يجب تعويض هؤلاء اليهود عن ممتلكاتهم التي تركوها وراءهم بعد هجرتهم إلى فلسطين.

ويبدو أن هذه المسألة ستصبح قضية رسمية قابلة للتنفيذ على طاولة المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية وذلك بعد موافقة مجلس النواب الأميركي بالإجماع على القرار رقم 185 والذي ينص على اعتبار اليهود الذين تركوا البلاد العربية أو البلاد الأخرى وحتى الذين عاشوا في هذه البلدان قبل الإسلام هم أيضاً لاجئون يجب تعويضهم عن ممتلكاتهم وقد طالب القرار الرئيس الأميركي جورج بوش بطرح قضيتهم على الزعماء العرب في كل مرة يلتقي فيها بهم.

وهذا القرار مع أنه غير ملزم حالياً للإدارة الأميركية وهو بحاجة لموافقة مجلس الشيوخ عليه أيضاً حتى يصبح ملزماً وساري المفعول وإذا تم طرحه على مجلس الشيوخ فهو بدوره سيوافق عليه دون أدنى شك، وعندها ستصبح الأمور أكثر تعقيداً وأكثر جدلية، ولا يخفى على كل ذي بصيرة أن الهدف من مثل هذا القرار هو ضرب قرار الأمم المتحدة رقم 194 والذي صدر عام 1948 لمعالجة قضية اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا قسراً من أراضيهم بعد حرب عام 1948 والذي ينص على حق عودة هؤلاء اللاجئين إلى ديارهم أو تعويض من لا يرغب في العودة عن ممتلكاته وأراضيه التي صادرتها الدولة العبرية بعد قيامها.

لكن شتان بين قضية اللاجئين اليهود والذين يقدر عددهم بـ 850 ألفاً وبين اللاجئين الفلسطينيين والذين يزيد عددهم على 5 ملايين حسب تقديرات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، فيهود الدول العربية لم يجبرهم العرب عن الرحيل بل بالعكس فقد مارست الوكالة اليهودية كل أساليب الترغيب والإرهاب والعنف لإجبارهم على الهجرة إلى فلسطين وكلنا يذكر التفجيرات التي تم تنفيذها في معابد اليهود في العراق لدفعهم بالقوة للهجرة وكذلك عملية تهجير يهود اليمن والمغرب وغيرهم . كما أن بعض الدول العربية أبدت استعدادها لإعادة اليهود إليها إذا ما أرادوا ذلك.

أما اللاجئون الفلسطينيون فقد أجبرتهم العصابات اليهودية على ترك قراهم ومدنهم بالقوة خوفاً من المجازر التي ارتكبتها عصابات شتيرن والبالماخ والأرغون بحقهم وليست مجزرة دير ياسين إلا إحدى هذه المجازر التي تشهد على ذلك إذا جرى في التاسع من أبريل عام 1948 ذبح معظم سكان القرية الواقعة قرب القدس ورميهم في بئر القرية ووصل الأمر إلى حد بقر بطون الحوامل وقتل حتى الأجنة والشيوخ والأطفال.

كما جرى تنفيذ عشرات المجازر الأخرى لترويع عرب فلسطين وإجبارهم على الرحيل عن فلسطين تنفيذاً لمخطط تفريغ الأراضي التي استولوا عليها من سكانها الأصليين. وما زال الملايين منهم يعيشون في المخيمات داخل قطاع غزة والضفة الغربية وبعض الدول العربية ودول الشتات.

وأخطر ما في هذا القرار الأميركي هو المساواة بين القضيتين بحيث يكون السيناريو المطروح هو التعويض على الطرفين وأن يتم توطين اللاجئين الفلسطينيين كل في مكان إقامته بعد تعويضهم عن ممتلكاتهم وكذلك الأمر كسب المليارات من الدول العربية كتعويض عن ممتلكات اليهود الذين غادروا هذه البلاد العربية.

 وعلينا التشديد على أن حق العودة للفلسطينيين هو حق مقدس اكتسبوه من الأمم المتحدة ومع مرور 60 عاماً على هذا القرار فان الفلسطينيين ما زالوا متمسكين به وبحقهم في العودة إلى ديارهم وقراهم التي أجبروا على مغادرتها، وليس هناك من قوة تستطيع أن تشطب حقهم في العودة فالكثير منهم ما زال يحمل مفاتيح بيوتهم التي أخذوها معهم في انتظار عودتهم إليها، وحتى يتم لم شملهم بأهلهم وذويهم ممن بقوا صامدين في مدنهم وقراهم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات