الخميس 28/مارس/2024

هم عابرون ونحن عائدون

هم عابرون ونحن عائدون
صحيفة البيان الإماراتية
 

هم عابرون ونحن عائدون، تحت هذا العنوان يقف الشعب الفلسطيني أمام الذكرى الستين لنكبة فلسطين، فيما الاستعدادات الشعبية والفصائلية في فلسطين وعموم مناطق الشتات الفلسطيني في دول الجوار المحيطة، تتسارع لاحياء هذه المناسبة الأليمة، والانطلاق من المناسبة ذاتها لاعادة شحذ الهمم من جديد لمواصلة طريق العمل المضني من أجل ابقاء جذوة القضية الوطنية للشعب الفلسطيني حية، باقية.

بالرغم من سيل الضغوط والمشاريع الخارجية الهادفة لطمس حق العودة للاجئين الفلسطينيين، واهالة التراب عليه لدفنه الى الأبد، وتكريس الحلول الاستئصالية له عبر توطين اللاجئين الفلسطينيين حيث هم، وتهجير أعداد كبيرة منهم الى جهات المعمورة الأربع، كما جرى مؤخراً حيال بضع آلاف من اللاجئين الفلسطينيين الذين تم ترحيلهم من أرض العراق العربي الى منافي البرازيل وتشيلي والهند .

فالذي جرى منذ افتتاح مؤتمر مدريد في أكتوبر1991، الى الآن قام على قاعدة الفصل بين قضية اللاجئين الفلسطينيين وحقوقهم وبين قرار الأمم المتحدة الضامن لهذه الحقوق. ومع هذا، فقد أيقظت انتفاضات الشعب الفلسطيني المتتالية، وصموده العنيد في قطاع غزة والضفة الغربية وداخل مناطق فلسطين المحتلة عام 1948، حلم العودة الفلسطيني من سباته القسري.

وأظهرت المخزون الهائل عنده في فلسطين ومجتمع اللاجئين منه على وجه الخصوص، ومن الاستعداد العالي للتضحية في سبيل الدفاع عن أرضه وحقوقه الوطنية، وفي مقدمة هذه الحقوق حقه في العودة إلى أرض الوطن، وأن لا شيء يمكن أن يمر من وراء ظهره، وأن لا شيء لا يمكن أن يسد في وجهه طريق الحرية والخلاص، طريق عودة اللاجئين الى أرض الوطن الفلسطيني.

وعلى قاعدة هذا الصمود عادت إلى الصدارة قضية فلسطين باعتبارها قضية عادلة ونبيلة لحركة تحرر وطني أمام جبروت القوة الطاغية. وفي هذا الميدان من الصراع الدامي مع الاحتلال تكرست حقيقة أن: لا حل ولا تسوية في المنطقة بأسرها دون الإقرار الإسرائيلي والأميركي بالحقوق الوطنية الكاملة للشعب الفلسطيني، وعلى الأخص منها حق اللاجئين في العودة.

فقد حركت الوقفة الجبارة للشعب الفلسطيني في الداخل وتعاظم دور اللاجئين الفلسطينيين حلم العودة المشروع في أفئدة الملايين من أبناء فلسطين المشتتين منذ عام النكبة على قوس واسع في الجوار المحيط بالأرض الفلسطينية.

ونستطيع القول بأن وصول المفاوضات الفلسطينية/الإسرائيلية إلى عنق الزجاجة لم يأت بفعل التباين على تفسيرات اتفاق أوسلو واستنساخاته، بل نتيجة منطقية للتصادم بين البرنامج الوطني الفلسطيني مع برنامج التسوية الإسرائيلية، وهو البرنامج القائم تحت سقف معادلة القوة، حيث تقاطعت مجموع الأحزاب الاسرائيلية على مساحة واحدة يتصدرها الإجماع على رفض حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة.

والرفض المطلق لحق العودة للاجئين الفلسطينيين بشكل كامل. من جانب آخر، فإن مخاوف إضافية للاجئين الفلسطينيين في مختلف مواقعهم تنبع من ما يلمسونه من اتجاهات عملية في التقليص المتدرج لخدمات الأونروا التعليمية والصحية والإغاثة والشؤون الاجتماعية التي تستهدف الوصول إلى تسليم خدماتها وبرامجها ومؤسساتها إلى السلطة الوطني الفلسطينية.

والى حكومات البلدان المضيفة في أقاليم عمليات الأونروا الأخرى (سوريا، لبنان، الأردن) وتحويلها إلى وكالة تنمية إقليمية لتأهيل اللاجئين حيث هم، وتهجير آخرين منهم، وليس بالانطلاق من حقهم في العودة وفقاً للقرار 194 بل باعتبارها قضية إقليمية يجري البحث من خلالها عن حق انساني، اجتماعي، يحّول موضوع اللاجئين إلى مجرد قضية مجموعات سكانية موجودة في البلدان المضيفة لهم.

إن اللاجئين الفلسطينيين يعبرون في كل المجالات المتاحة عن تمسكهم باستمرار الأونروا قائمة كوكالة دولية مستمرة في تقديم خدماتها التعليمية والصحية والاجتماعية لما تحمله من دلالة واضحة كتعبير عن استمرار تبني المجتمع الدولي لحق العودة وفقاً للقرار194، والثاني بسبب المعاناة الاقتصادية والاجتماعية التي تتفاقم أعباؤها عاماً بعد آخر على أعداد واسعة اللاجئين المحرومين بسبب استمرار إبعادهم القسري عن وطنهم ومن مصادر عيشهم الطبيعية فوق أرض وطنهم.

وبالمحصلة، إن الصراع طويل ولا يمكن غلقه وانهاؤه بتسويات ظالمة مسقوفة تحت معادلة «حق القوة «بديلا عن «قوة الحق» وبذات الوقت يتطلب العمل المتواصل بكل وسائل الكفاح المشروعة ضد الاحتلال وتهويد الأرض، فقد اندثرت شعوب كثيرة في الماضي القريب تحت كابوس «حق القوة» .

كما وقع مع الخمسين مليوناً من الهنود الحمر في القارة الأميركية الشمالية والجنوبية ببارود الغزاة الاستعماريين الأوروبيين، وهكذا تم في استراليا ونيوزيلندة قبل خمسة قرون. وحاول جميع المستعمرين المستوطنين الأوروبيين البيض والصهاينة كتابة مصير بلدان : الجزائر، روديسيا، جنوب افريقيا، أوغندة، فلسطين بلغة ما قبل الخمسة قرون الاستعمارية.

فشلوا في إفريقيا وانتصرت إرادة الشعوب السمراء بقيادة حزب المؤتمر الافريقي وتم إنهاء النظام العنصري وإرساء أول حكومة منتخبة ديمقراطياً، وتساوي الجميع في حقوق المواطنية والحقوق البرلمانية على قاعدة «الصوت الواحد للشخص الواحد»، بينما نجحت خطوات استعمارية استيطانية كولونيالية تهويدية في فلسطين، ولكن لم يتمكنوا من غلق ملف شعب فلسطين وانهائه من الوجود وشطب هويته الوطنية بعد أكثر من 60 عاماً من نكبة فلسطين وبالرغم من الاختلال الكبير في توازن القوى بالشرق الأوسط.

إن حق اللاجئين في العودة وكما أشّر على ذلك انهيار مفاوضات كامب ديفيد 2 في يوليو2000، عنوان أساسي في الصراع العربي والفلسطيني – الإسرائيلي ، فهذا الحق بحد ذاته أخلاقي، انساني، وطني فضلاً عن كونه حقاً محفوظاً في إطار قرارات الشرعية الدولية، ويمس بشكل مباشر العنصر الأهم من عناصر القضية الفلسطينية وعناوين الصراع العربي والفلسطيني/الصهيوني.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات