الخميس 28/مارس/2024

حكومة الالتزام الفلسطينية

حكومة الالتزام الفلسطينية

صحيفة الخليج الإماراتية

على الرغم من أهمية الحكومة الفلسطينية المرتجاة بأن تكون حكومة توافقية، قد تشكل بداية لمرحلة سياسية جديدة إذا ما ارتكزت على برنامج سياسي وطني توافقي واضح ومحدد برؤية مستقبلية، إلا أن هذه الحكومة لن يكون عملها وإنجاز المطلوب منها سهلاً ومفروشاً بالورود، بل ستعمل هذه الحكومة في حقل أشواك، وفي هذا لا نقصد عدم التفاؤل أو التشكيك فيها بقدر ما نقصد الصعاب والتحديات التي ستواجهها، ولذلك تحتاج هذه الحكومة إلى دعم ومساندة فلسطينية على المستويات كافة لتذليل كل العقبات التي قد تعترضها، ولتكون قادرة على انتزاع كل الأشواك من طريقها تهيئة للحكومات القادمة من بعدها.

أهمية هذه الحكومة لا تكمن في شخص رئيسها وفي شخوص وزرائها أو عددهم، ولا في طبيعتها ومدتها ولا في حجم المطلوب منها، فهي في عين المواطن العادي ليست حكومة حل كل المشاكل وتلبية كل المطالب، وإنما ستعمل على تنفيذ البرنامج السياسي التوافقي، لأن من شأن ذلك أن يوفر إطاراً سياسياً عاماً لأي حكومة ائتلافية في المستقبل.

ومع افتراض إجراء الانتخابات الفلسطينية، وحتى مع افتراض فوز أي من الحزبين أو القوتين الرئيسيتين وهما حماس وفتح فإن ما يتم الاتفاق عليه في برنامج هذه الحكومة قد يشكل بناء يمكن التأسيس عليه.

وفي السياق نفسه فإن كل الجهود والمحاولات العربية ينبغي أن تعمل في سياق الفهم السياسي للحكومة الفلسطينية، وانطلاقاً من هذه الرؤية للحكومة يكون من صالح الجميع بمن فيهم حركة حماس بأن يأتي رئيس الحكومة والوزراء على أساس توافقي، رغم أن من حقها أن تختار بل وتشكل الحكومة استناداً إلى الحق الديمقراطي، ولكن الحق نفسه قد يفرض هذا الحل التوافقي لأسباب تتعلق بطبيعة الأزمة الفلسطينية، وتعدد الأبعاد والمكونات التي تتشكل منها القضية الفلسطينية، فالنظام السياسي الفلسطيني تحكمه خصوصية خاصة تفرض هذه الرؤية التوافقية.

وما ينبغي إدراكه أن المسألة ليست مسألة حق ديمقراطي فقط، وهو ما يؤخذ في الاعتبار، ولكن لا بد أن تؤخذ خصوصية النظام السياسي الفلسطيني وطبيعة المتغيرات التي تتحكم فيه بيئته. أهمية هذا القول تكمن في أن المشكلة أساساً ليست في الحكومة، ولا في من يشكلها أو في كيفية تشكيلها، ولكن المعضلة الأساس تكمن في وضع أسس ومبادئ عامة يمكن الارتكاز عليها عند تشكيل أي حكومة.

بالمقابل هناك خصوصية التفاوض الذي قد تفرضه طبيعة الصراع بأبعادها الإقليمية والدولية دونما أن يتعارض ذلك مع الثوابت والحقوق الوطنية الفلسطينية، التوافق بين المعيارين من المسائل التوافقية التي ينبغي أن تقوم عليها الحكومة الفلسطينية.

القضية المهمة التي ينبغي أن يركز عليها البرنامج السياسي للحكومة هي التأكيد على مفهوم المصلحة الوطنية الفلسطينية وعلاقتها بالمصلحة القومية العربية، وحتى بالمصلحة الوطنية لكل دولة عربية أو حتى غير عربية، وهذه المصلحة تنطلق من معايير ومحددات فلسطينية.

أستاذ العلوم السياسية -غزة

[email protected]

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات