الجمعة 26/أبريل/2024

حوارات بلا حدود

حوارات بلا حدود

صحيفة البيان الإماراتية

شهرة نموذج الحوار الداخلي الفلسطيني جاءت ليس فقط من فشله في رأب الصدوع الفلسطينية، وإنما أيضاً وأساساً من ارتباطه بقضية وازنة وبأجندات ظاهرة وباطنة إقليمياً ودولياً. غير أن هذه الشهرة ألحقت بسمعة الفلسطينيين جروحاً ملموسة.

إذ جرى رميهم بالخرق وسوء تقدير المواقف والاعتمادية المفرطة على مداخلات الآخرين ووساوسهم وجيوبهم، والعجز عن اتخاذ القرار المستقل بمعزل عن المتكالبين على قصعة «الشرق الأوسط».

والحال أن الفلسطينيين ليسوا بدعاً من تجارب أخرى تتفاعل بالجوار.. فأينما وليت وجهك من حول فلسطين، وجدت قوى أنهكتها جولات من «الحوار الوطني».

ففي لبنان عرفنا أكثر من جولة حوار بين المعارضة والأغلبية قبل اغتيال رفيق الحريري. وغداة الاغتيال اتخذ الحوار مسارات أخرى عن قرب وعن بعد بين ما يعرف بمعسكري الثامن والرابع عشر من آذار.

وفي السودان، تحاور الشمال مع الجنوب طويلاً حتى توصلا إلى صيغة توافقية قلقة، وتكررت التجربة بلا نتيجة مرضية بين الخرطوم ومتمردي دارفور..

وفي العراق، لا يكاد المرء يعثر على خريطة مستوفاة المعالم لعدد الحوارات القائمة أو المطلوبة، بين الفرق والطوائف التي دثرت السياسة بالدين بالعصبية القومية بالجهوية المناطقية. وتكاد السيرة الذاتية لمسلسل الحوارات تخلو من نموذج يعدل المثل الصومالي وخيبته الثقيلة في مجرد الحفاظ على قوام الدولة شكلاً ومضموناً.

نحن هنا بصدد فشل في لم الشمل؛ انتقلت أصداؤه من البر للبحر، حتى إنه استحضر زمن القراصنة المثير للخيال.

تطول القائمة إذا ما استطردنا إلى السوابق الحوارية التي تظهر وتخبو وتختفي في المحيط العربي لسبب أو آخر.. كما هو الحال بالنسبة لما يعتمل في الجزائر بين الأصوليين وبين بقايا حرس ثورة المليون شهيد!. أو في المغرب بين الرباط ورجال البوليساريو.. وها نحن اليوم وإلى أجل غير معلوم بصدد نموذج تهب رياحه ساخنة ملتهبة من اليمن؛ قد يزاحم على مكان الأولوية فيما يخص مستقبل الوحدة الإقليمية للدولة.

ثم إن القائمة تطول أكثر إن ألحقنا بها عدد الحوارات المطلوبة لاستئناف التكامل العربي الإقليمي الفرعي على المستوى المغاربي..

وكذلك الأمر بالنسبة لتعزيز تجربة التعاون الخليجي وتدارك أي نقاط خلافية تتربص بها. لا يقف الفلسطينيون وحدهم في مربع الحوارات المتعثرة. ورغم الألم مما آلت إليه تجربتهم، إلا أن علينا التجمل بالصبر، لأن البديل هو تأبيد الانقسام أو التراشق بالنيران وكلاهما أكثر إيلاماً بكثير.

كاتب وأكاديمي فلسطيني

[email protected]

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة

الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة

الضفة الغربية - المركز الفلسطيني للإعلام اعتقلت قوات الاحتلال الصهيوني - فجر الجمعة- عددًا من المواطنين خلال حملة دهم نفذتها في أرجاء متفرقة من...