الخميس 25/أبريل/2024

اغتيال الروح الإنسانية

اغتيال الروح الإنسانية

صحيفة الدستور الأردنية

حسناً فعل المتضامنون على متن سفينة صغيرة مع إخوتهم المحاصرين في غزة حين اسموا سفينتهم “سفينة الروح الإنسانية” إدراكاً منهم بأن الروح الإنسانية هي المحاصرة في قطاع غزة وهي المضطهدة دون وازع أو رادع.

وجريمةً سافرةً وقرصنة غادرةً فعل جنود الاحتلال حين قاموا بمحاصرة سفينة الروح الإنسانية بخمس زوارق حربيَّة مطلقين النار من حولها قبل أن يقوموا باقتحامها وإلقاء القبض على ركابها بطريقة همجية وقحة اعتاد عليها الاحتلاليون الصهاينة منذ أن وطئت أقدامهم أرض فلسطين. فحين رفض المتضامنون الأحرار العودة من حيث أتوا، وأصروا على مواصلة الإبحار على الرغم من أنهم كانوا في مرمى النار. اقتحم قراصنة الاحتلال سفينة الروح واقتادوها بما عليها وبمن عليها من متضامنين متعاطفين إلى أحد “الموانئ الإسرائيلية”.

لم يحمل هؤلاء الإخوة المتضامنون من عربْ وأجانب على سفينتهم الصغيرة مسحوق الجمرة الخبيثة، وإنما حمل كل واحد منهم وبشكلْ رمزي عميق الدلالة كيلوغراماً من الإسمنت تعبيراً عن رفضهم لسياسة الحصار الظالمة التي تحظر حتى الآن دخول هذه المادة خوفاً من أن يتمكن الغزيون من إعادة بناء بيوتهم المدمرة.

هذه ليست أول مرّة تقوم فيها القرصنة الإسرائيلية المسلحة بالسطو على سفينة إنسانية الإبحار نحو شعب غزة المحاصر والمحروم والمنسي الجراح من الجهات الأربع، فما زالت مياه المتوسط تذكر عملية السطو المسلح على “سفينة الأخوة” التي انطلقت من لبنان وعلى متنها المطران هيلاريون كبوتشي وبرفقته الشيخ صلاح الدين العلايلي عضو تجمع العلماء المسلمين في لبنان يحيط بهما على متن السفينة نخبة طيبة من أصحاب الضمائر الحيَّة والقلوب الرحيمة ممن اكتوت نفوسهم بمحرقة غزة فاشتعلت غيرتهم القومية والإنسانية على عائلات منكوبة وأطفال محاصرين وجرحى ومرضى يئنون تحت وطأة الحصار الجائر دون أن يجدوا حبة دواء أو تمتد لهم يدّ مسعفةّ أو يصلهم رغيف خبز تيبس وهو ينتظر الدخول خلف معابر محكمة الإغلاق.

وكما أنّها ليست المرة الأولى فلن تكون الأخيرة ما دام الاحتلال الصهيوني المتجبر مصراً على أن يكشف كل يوم عن وجهه النازي البشع من خلال عملية إجرامية مسلحة تجري هنا أو هناك براً وبحراً وجوّاً دون أن يحسب حساباً لأحد كائناً من كان ما دام يضرب بعرض الحائط كل القوانين والأعراف الدولية، ولكنَّ هذا العناد الصهيوني الاحتلالي في مقارفة الحصار، سيقابلُهُ عنادّ عربي ودولي في الإصرار على فكّ الحصار وإنهائه سواء من حركة غزة الحرة التي نظمت رحلة سفينة الروح الإنسانية أو من كل قوى العدالة والحرية في العالم، إذ إن تضامن هذه القوى الخيّرة كفيل بكسر هذا الحصار الجائر الذي تمادى وطال وعمَّ بلاؤه واستفحلت أرزاؤه. فلتُبحر سفينة نجدةْ تلو أخرى نحو شعبنا المنكوب في قطاع غزة ولتقدح شرراً عيون الزوارق الحربية الإسرائيلية، فإن العالم الحر لن يترك أهل غزة فريسةً متاحةً على الدوام لأعداء السلام والحريّة وللوالغين في اغتيال روح الإنسانية سواء كانت سفينة تحمل هذا الاسم أم شعوباً وقبائل على كوكب الأرض باتت روحها الإنسانية رهينة الأطماع الصهيونية التي تحمل شهوة تخريب العالم وحصار أحلامه وأمانيه إن هو خرج عن بيت الطاعة الصهيوني.

السفن التضامنية التي تقتحمها عساكر القرصنة الصهيونية وترغمها على العودة بقوة السلاح لا تعود مهزومة أو تتراجع عن إصرارها على نجدة قطاع غزة المحاصر، وهي بمنعها من الوصول إلى غزة هاشم تفضح صلف الاحتلال وغطرسته واستهانته بكل القيم الإنسانية النبيلة لعل هذا العالم يرى ويسمع فيصحو على إنسانيته التي تقمع وتمتهن وتضرب بكعب بندقية أو تداس بحذاء جندي إسرائيلي لا يعرف معنىً للإنسانية حين يحاصر أو يدمر أو يقتل بدمْ بارد.

طال الحصار أم قصر لا استسلام ولا مهادنة مع الاحتلال ولا بد أن نجتمع كراماً أعزاء في وطننا فلسطين.. هذا ما قاله المطران كبوتشي بعد أن أبعدته سلطة الاحتلال الغاشم إلى القنيطرة وحرمته من رؤية فلسطين واللقاء مع الأهل في قطاع غزة، وهذا ما نقول وسوف يقولهُ كل إنسان حُر يعمل على كسر الحصار ويغيظه عزل قطاع غزة عن العالم وأمام سمع المجتمع الدولي وبصره دون أن يحرك هذا المجتمع المضروب على رأسه بهراوة السيطرة الصهيونية ساكناً.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مقررة أممية تدعو لفرض عقوبات على إسرائيل

مقررة أممية تدعو لفرض عقوبات على إسرائيل

عمان – المركز الفلسطيني للإعلام  أكدت مقررة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان المعنية بالأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، أن...