الجمعة 26/أبريل/2024

مسرحية الأربعة

مسرحية الأربعة

صحيفة الخليج الإماراتية

أربع شخصيات سياسية في “إسرائيل”، تلعب أدواراً لها مرسومة بدقة، في هذه الأيام، كأنها أربع شخصيات مسرحية. يقوم بأداء دور الشخصية الأولى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ضمن حبكة لا تفصح كثيراً عن عمق هذا الدور، إلا بما يفسح المجال أمام بقية الشخصيات للعبور المريح إلى أدوارها. أما الشخصية الثانية، فيمثل دورها وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، في سياق يتعلق على وجه الخصوص، بالاستيطان الذي يرى فيه، بكل أشكاله ومسمياته، “خطاً أحمر” لا يجوز الاقتراب منه، مهما كانت الأحوال. وبقدر ما جعل هذا الدور من هذه الشخصية، رمزاً لليمين “الإسرائيلي” المتطرف الذي هو في الواقع، مجمل المجتمع “الإسرائيلي” الراهن كله، في مواجهة رأي عام دولي يرفض هذا المجمل، فإن الشخصية الثالثة المحمولة على أكتاف وزير الجيش أيهود باراك، تحاول أن تداعب هذا الرأي العام بحديثها مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ثم مع مندوبه للمنطقة جورج ميتشل في لندن، حول إمكانية تفكيك بعض ما تسميه “المستوطنات العشوائية”، من دون أن تصل إلى حد الحديث الجاد عن الاستيطان كله. فإذا لم تحقق هذه الشخصية النجاح الكافي لها، فإن الشخصية الرابعة التي اختيرت لرئيس الدولة شمعون بيريز، تعمل حتى وهي أصلاً شخصية بروتوكولية لا وزن لها عملياً، في هيكلية الحكم “الإسرائيلي”، على الترويج للمسرحية كلها إقليمياً وعربياً.

أربع شخصيات بأربعة أقنعة، وأربعة ألسن. هل هو مسرح، أم سيرك؟ لا يتوقف أحد عند التعريف الشكلي لهذا الأداء. المهم هو الأداء ذاته. فكيف يمكن لهذا الأداء، بتواصله المسرحي أو التهريجي أن يبقى على حاله، في وقت كانت فيه إدارة أوباما قد وعدت ب”التغيير” في اللعبة كلها، ومن أساسها القائم على حتمية وقف الاستيطان؟

ثمة ما يشابه نظرية “تمرير الوقت” أو تبديده، في الرد على هذا السؤال. يعني أن الأداء “الإسرائيلي” في هذه المرحلة، متوافق على تفتيت كتلة الوقت الضاغطة عليه، من خلال تلاعبه بتوزيع الأدوار التي تتناقض من جهة، ثم تتلاقى من جهة ثانية. وهكذا دواليك، من دور إلى دور، دون أن يرسخ هذا الأداء ذاته، على موقف له واضح ومحدد.

ولكن هذه “النظرية ذاتها، لا تتحرك في نطاق الاستيطان وحده، وإنما هي في اندفاع أبعد على المستوى الإقليمي والدولي، نحو دائرة إيران. وليس بالصدفة في هذا البعد، أن يعلن جون بايدن نائب الرئيس الأمريكي فجأة، قبل بضعة أيام، عن أن إدارة أوباما لن تقف عائقاً أمام هجوم “إسرائيلي” ضد إيران، وهي الإدارة التي كانت قبل هذا الإعلان بقليل، تؤكد على وجود هذا العائق. فماذا صار، حتى انقلب موقفها رأساً على عقب”؟

إن الأشد خطورة في ترجمة هذا المعنى على الأرض، أن تتمكن إدارة أوباما في تسويق موقفها المصرّ على وقف الاستيطان، بمقايضته بالتطبيع العربي مع “إسرائيل”، ما يجبر الجانب الفلسطيني، على العودة إلى طاولة المفاوضات، من دون أدنى أمل بالوصول إلى أي هدف من أهدافه الوطنية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات