الخميس 18/أبريل/2024

التحالف الإرهابي

التحالف الإرهابي

المجتمع «الإسرائيلي» بأغلبيته يميني في الأساس، وفق نشأته الصهيونية المبكرة، والقائمة أصلاً على اغتصاب الأرض الفلسطينية وتهويدها، مرحلة إثر أخرى. ورغم وجود ما يسمى بأحزاب الوسط واليسار في هذا المجتمع، فإن السمة المركزية له هي سمة اليمين، بما يمكن القول إنها ذات بُعد شمولي على امتداد مختلف طبقاته وفئاته وأطيافه.
كل تاريخ «إسرائيل»، بحروبها العدوانية، واحتلالها الأراضي العربية، وبما ارتكبته ولا تزال، من جرائم وكوراث ونكبات بحق الشعب الفلسطيني، يقوم على قواعد هذا اليمين. أي صفحة من صفحات هذا التاريخ، هي على الفور، وبالنص الحرفي، صفحة من صفحات هذا اليمين. والعكس صحيح، إذ لا يمكن لأحد أن يتخيل «إسرائيل» بغير هذا اليمين، وبغير هذا التاريخ كله. هي، منذ التخطيط الاستعماري لإنشائها، وصولاً إلى نشأتها الفعلية على الأرض الفلسطينية في العام 1948، مشروع يميني بحت بامتياز.
ولكن هذا اليمين المتجذر في الذهنية الصهيونية، يكيّف قدراته السياسية والاجتماعية باستمرار، لمصلحة قوته وانتشاره، في سياق سلسلة من التحالفات التي يعمل على استغلالها لمزيد من التجذير، تحت مظلة مسميات عدة مغطاة بمصطلحات وتعابير من القاموس الديمقراطي. ومن خلال هذا الغطاء، وفر الحكم اليميني لنفسه في «إسرائيل»، أو في القلعة المحاصرة من كل جانب، حسب رؤيته، صفة الحكم القائم بكل مكوناته، على الديمقراطية. وكأن اليمين في المحصلة، هو الديمقراطية! والواقع الصهيوني هو كذلك فعلاً، فاليمين «الإسرائيلي»، هو بالضبط، ديمقراطية «إسرائيل».
وفي هذه الأيام، يتحرك هذا اليمين، نحو تحالف جديد يختصر من خلاله المجتمع «الإسرائيلي» كله تقريباً، في إطار قائمة حزبية واحدة يشارك فيها بانتخابات الكنيست المقبلة في 22 يناير/ كانون الثاني المقبل. وقد تم إنشاء هذه القائمة مؤخراً، بتحالف الحزبين المسيطرين «الليكود» بزعامة رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو، و«إسرائيل بيتنا» بزعامة وزير خارجيته أفيغدور ليبرمان.
وقد أظهر أحدث استطلاع أجرته صحيفة «معاريف» داخل حزب الليكود، في هذا الشأن، تأييد 73 في المئة من أعضائه المستطلعين لهذا التحالف. وفي التصويت العلني الذي جرى في مؤتمر هذا الحزب مساء التاسع والعشرين من شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في تل أبيب، حصل نتنياهو على ما يزيد على هذه النسبة كثيراً، مما كرس ديكتاتوريته المطلقة في قيادة حزبه، والتي سوف تزداد رسوخاً في قيادته للتحالف الجديد الذي سموه «الليكود بيتنا»، حيث من المتوقع وفق الاستطلاعات، أن يحصل هذا التحالف على 43 مقعداً من مقاعد الكنيست البالغة ،120 في الانتخابات المقبلة. ومع إضافة المقاعد التي سوف تحصل عليها أحزاب المتدينين التقليديين، وهي تلقائياً تقف إلى جانب التحالف الجديد، حتى يمكن اعتبارها امتداداً له، فإن مقاعد اليمين المسيطر سوف ترتفع إلى أكثر من ثمانين مقعداً، أي ما يتجاوز ثلثي مقاعد الكنيست كلها.
صحيح أنه تحالف إرهابي يتسارع قرع طبول الحرب من داخله، غير أن «إسرائيل» هي ذاتها هكذا، تكون الآن، كما كانت، وكما ستكون أيضاً، بنتنياهو وليبرمان، ومن دونهما، سيان.
صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات