الجمعة 19/أبريل/2024

هل تقبل فلسطين القسمة على اثنين؟

هل تقبل فلسطين القسمة على اثنين؟

في الثاني من نوفمبر الجاري (وهو يصادف الذكرى الـ95 لوعد بلفور المشؤوم) أجرت القناة التلفزيونية الصهيونية الثانية حواراً مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ولعل أهم ما جاء في الحديث أمور ثلاثة هي:
أولاً: إن الرئيس الفلسطيني قال إنه يمكن أن يزور (صفد مسقط رأسه) لا أن يسكن فيها.
ثانياً: ما دام رئيساً فلن تكون هناك انتفاضة ثالثة فلسطينية مسلحة.
ثالثاً: إن فلسطين كما يراها هي الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس (الشرقية)، أما ما تبقى فهو إسرائيلي.
أثار الحديث ضجة وغضباً شديدين في الأوساط الشعبية الفلسطينية، وكذلك في أوساط المنظمات والفصائل الفلسطينية. السبب الرئيسي للغضب هو أن الرئيس عباس يمثل ثلاثة مواقع فلسطينية مهمة: فهو رئيس السلطة وهو رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس حركة فتح. وكل حركة أو كلمة مسؤولية كبيرة عليه. ولذلك اعتبر حديثه عن (صفد) تخلياً عن حق ستة ملايين فلسطيني في العودة. ولب القضية الفلسطينية كما هو معروف (مشكلة اللاجئين الفلسطينيين ـ أي حقهم في العودة وعلى الأقل وفقاً للقرار الدولي 194).
كما أن حديثه عن عدم سماحه بانتفاضة فلسطينية مثير جداً؛ لأن الانتفاضة حين تقع لا تحتاج إلى أوامر إدارية من أحد. وأما ثالثة الأثافي فهي قبوله بأقل من نصف فلسطين دولة فلسطينية، بل ولا حتى نسبة قرار التقسيم التي قالت بنحو 45% من الأرض الفلسطينية للفلسطينيين.
حاولت حركة فتح ومستشارو الرئيس الدفاع عن الرئيس على اعتبار أنه تحدث عن صفد بصفته الشخصية، وهو لا يعني التخلي عن حق العودة. كما أن بعض مستشاريه سخروا من ردود الفعل الفلسطينية إلى حد كبير. ومن ثم فإنهم جردوا الرئيس من صفاته الثلاث وأقصروها على واحدة أي على (رأي شخصي)، وهو أمر غير معقول وغير مقبول.
إن حق العودة أو العودة الحق ليست سلعة تباع، ولا يقدر إنسان مهما كانت صفاته ومواقعه أن يتخلى عن حقوق ستة ملايين. العودة حق شخصي وعام. والأرض الفلسطينية ملك لشعب فلسطين، من ذهب منه ومن هو حي ومن هو آت إلى الحياة الدنيا. إنها أمانة في أعناقنا جميعاً ولا يمكن التخلي عنها، كما أنها إحدى أهم الثوابت الوطنية الفلسطينية.
أما الانتفاضة فشأن يخص الشعب الفلسطيني أكانت مسلحة أم كانت بالحجارة. حين اندلعت الانتفاضة الأولى 1987 لم تحصل على إذن من أحد. كما أن انتفاضة الأقصى عام 2000 اندلعت دون أمر إداري من أي مسؤول فلسطيني أو غير فلسطيني.
عليه لا يمكن قبول التبريرات التي أطلقتها حركة فتح عبر اتهامها حماس بالتفاوض سراً مع العدو المحتل لقاء أربعين بالمئة من الضفة أو على هدنة لمدة عشرين عاماً. هذه قضية وتلك قضية أخرى مختلفة تماماً.
لقد أخطأ الرئيس الفلسطيني حين سلم اللد والرملة وحيفا ويافا وعكا والناصرة وصفد والقدس وسواها من أرض فلسطين كلها إلى العدو الغاصب.
أذكر حركة فتح أن انطلاقتها كانت قبل العام 1965 وأن رصاصتها الأولى انطلقت في الأول من يناير من العام 1965؛ أي أن الثورة التي قادتها فتح كانت لتحرير المحتل من فلسطين عام 1948 وأنها – حركة فتح – لم تنطلق وسواها من التنظيمات والفصائل بعد العام 1967 لتكون غايتها محصورة في إزالة آثار عدوان يونيو 67.
وأخيراً أقول: إن فلسطين عربية وإسلامية، وهي لن ولا تقبل القسمة على اثنين. فإما لنا نحن أهلها، وإما للغاصبين العدوانيين العنصريين الذين سيلاقون مصير المحتلين والغزاة عبر التاريخ.
* كاتب فلسطيني
[email protected]
صحيفة الوطن العمانية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات