الجمعة 26/أبريل/2024

حل الدولة الواحدة أو الدولتين؟

حل الدولة الواحدة أو الدولتين؟

الفلسطينيون يرفضون حل الدولة الواحدة ليس بسبب عدم جدوىهذا الحل أو أهميته، ولكن إدراكاً منهم باستحالة تنفيذه على الأرض، ولأن خيارهمالدولي الآن والمتاح هو خيار تفعيل الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، و”الإسرائيليون”من جانبهم يرفضون أيضاً حل الدولة الواحدة للحفاظ على يهوديتهم وخوفهم من العاملالسكاني الطاغي للفلسطينيين والذي قد يهدد بقاءهم باندماجهم أو انصهارهم في كيانيةسكانية لا تعمل لصالحهم، ولذلك يصر “الإسرائيليون” أو حكومة نتنياهو علىالاعتراف بيهودية “إسرائيل”، والمفارقة أن هذا الطلب يطلبونه منالفلسطينيين لما لذلك من تداعيات سياسية خطيرة على مستقبل القضية الفلسطينية،ومستقبل أكثر من عشرين في المئة من سكان الأراضي المحتلة وهي نسبة الفلسطينيينالذين يعيشون داخل الكيان، ولما لذلك من تهديد مباشر على بنية “إسرائيل”الديمغرافية، وخصوصاً بعد فشل سياسات التكامل والإندماج لهؤلاء السكان، وذلك بسببالسياسات العنصرية التي تمارسها الحكومات “الإسرائيلية” المتعاقبة والتيتجعل من الفلسطينيين مواطنين درجة ثالثة أو عاشرة. ورغم هذا الرفض المشترك لحلالدولة الواحدة فإن وجهتي النظر متباعدتان من حل الدولتين، ف”إسرائيل”من جانبها وحتى هذه اللحظة لم تتخذ موقفاً واضحاً وصريحاً من حل الدولتين،فنتنياهو وفي كتابه “الديمقراطية تحت الشمس” يعتبر قيام الدولةالفلسطينية تهديداً وجودياً ل”إسرائيل”، هذا رغم إشاراته بعد ذلك إلىالدولة الفلسطينية.

لكن يبقى السؤال أي دولة تعنيها “إسرائيل”؟فما زالت “إسرائيل” تستمر في سياسات الاستيطان ومصادرة الأرض الفلسطينيةالتي يفترض أن تقوم عليها الدولة الفلسطينية، وترفض إعادة القدس الشرقية، وتصر علىبقائها عاصمة موحدة لها، وترفض أي عودة للاجئين الفلسطينيين تحت مطالبتهابالاعتراف بيهوديتها، كما تصر على استمرار بقائها الأمني في العديد من الأراضيالفلسطينية كمنطقة الأغوار، وتطالب بدولة فلسطينية منزوعة السلاح بالكامل وليستلها سيادة على منافذها البرية والبحرية والجوية. وكل هذه الإجراءات تعني دولةبرؤية أمنية “إسرائيلية”، وليست دولة من منظور القانون الدولي الذي يوصفالدول بأركانها الثلاث، الأرض، والشعب والسلطة أو السيادة، والعنصر الوحيد المتوفرللفلسطينيين هو العنصر السكاني من خلال نجاح الفلسطينيين في الحفاظ على هويتهمالقومية كشعب، وهو ما فشلت “إسرائيل” برغم كل إجراءاتها القمعيةوالاحتلالية أن تتغلب عليه، وتريد الآن أن تفرغ هذه الدولة من عنصري الأرضبتقزيمها وتجزئتها وعزلها عن بعضها، وسلب سيادتها، وهي بهذا لم تذهب بعيداً عنفكرة الحكم الذاتي الذي تسعى إليه، وتعاملها مع موضوع الدولة الفلسطينية من منظورسكاني وليس قانونياً سيادياً.

هذا الموقف يتناقض تماماً مع المعنى الحقيقي لحلالدولتين، وهي بهذا الموقف تكون قد حققت هدفها بعدم قيام الدولة الواحدة،والحيلولة دون قيام حل الدولتين إدراكاً منها بأن قيام الدولة الفلسطينية الكاملةيعني تقليص وجودها وتمددها الإقليمي في المستقبل، ويكمل حلقة العزل الجغرافي لهاعربياً، ومن شأن ذلك أن يحولها إلى كيان صغير مساحة وسكاناً، وأن القوة في حالةمثل هكذا دول تكون فاشلة.

في هذا السياق تأتي خيارات “إسرائيل” فيالتفكير في الانسحاب الأحادي من الضفة الغربية، وفرض العراقيل والتهديدات أمام نموالسلطة الفلسطينية، ويفسر لنا رفضها للمصالحة الفلسطينية التي تعني لها توحد الأرضوالشعب الفلسطينيين. ومحاولتها التسريع في عمليات الاستيطان والتهويد التي هدفهاالحيلولة دون قيام حل الدولتين، وفرض أمر واقع لا يمكن لأي مفاوضات تجاوزه.

وفلسطينياً ورغم أن الفلسطينيين لا يملكون خيارات كثيرة،وليس أمامهم إلا المضي قدماً في التأكيد على حقهم في قيام دولتهم، ورغم رسائلالتطمين التي يؤكدونها دائماً فإنهم لا يريدون إلا دولة فلسطينية في حدود الرابعمن يونيو/حزيران 1967 ولإدراكهم بأن المستوطنات “الإسرائيلية” التي تبتلعما بقي من أرض تقوم عليها الدولة الفلسطينية فإنه لن يبقى من هذه الدولة إلا مساحةتقل عن عشرين في المئة وهي المساحة المقررة للدولة الفلسطينية، ومع ذلك يصّرون علىالتمسك بحل الدولتين. ويبقى السؤال: ما خياراتهم لهذا الحل؟ لا يمكن الوصول لهذاالحل من دون نضال ومقاومة سياسية بكل أشكالها تجعل الاحتلال يدفع ثمناً سياسياًباهظاً، وبتفعيل دور الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة وجعلها دولة تحتالاحتلال، ومطالبة الأمم المتحدة القيام بمسؤولياتها لإنهاء الاحتلال، وهذابالتوازي مع المقاومة والنضال السياسي. ولا يعني التسليم بحل الدولتين ورفض الدولةالواحدة، وإسقاط خيار الدولة الواحدة إذا كانت “إسرائيل” لا تريد حلالدولتين. فلا يكفي رفض حل الدولة الواحدة، وتبني خيار حل الدولتين من دون أن تكونلدينا رؤية استرتيجية، ورؤية واضحة، محددة بأهداف وآليات توصل إلى الهدف. فلنا ستةوستون عاماً نستذكر النكبة من دون أن نتجاوز محنتها. وتجنب نظرية الدوران في دائرةمفرغة من المفاوضات.

صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات