الأربعاء 24/أبريل/2024

اعزلوهم إنهم قوم يدعمون فلسطين!

اعزلوهم إنهم قوم يدعمون فلسطين!

في القرن الواحد والعشرين، يكتب خبر، “بأن دولا عربية تحاصر وتقاطع دولة عربية واحدة، لوقوفها إلى جانب حركة تدافع عن كل الدول العربية في وجه المشروع الصهيوني”..

تبدو للوهلة الأولى أحلام يقظة، سرعان ما يبددها تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بقوله: “طفح الكيل، وعلى قطر أن تتوقف عن دعم حماس”، وقبل أن تعززها تصريحات وزير الدولة الإماراتي أنور قرقاش: “وجود قادة من حركة حماس في قطر يمثل مشكلة للمنطقة”.

تداعى “قوم المقاطعة” من كل حدب وصوب، بخطاب ممجوج وتحريض مجنون، يلهثون خلف رأس المقاومة بغزة، إن كان ذلك بشكل مباشر عبر التصريحات، أو غير مباشر عبر ما تم تداوله من “عشرة شروط” حاصروا بها قطر كانت هي الثمن، ما تكاد تنفك من واحد، حتى تصطدم بآخر، لكن أكثرها غرابة، “المطالبة بوقف دعمها للقضية الفلسطينية وإعمار غزة واستضافة قادة حماس”.

لماذا قطر؟

الخبير السياسي وائل أبو هلال يرى أن ما تتعرّض له قطر من مقاطعة وحصار يأتي في سياق مسار “جيواستراتيجي” كلّي للمنطقة منذ انطلاق ثورات الربيع العربي، حيث إنّ جيرانها حسموا أمرهم صراحة من البداية في حلف ضدّ هذه الثورات (بل محاربتها)، بينما كان التوجّه السياسي العام لقطر مخالفاً لما يتبناه جيرانها؛ حيث وقفت مع ثورات الشعوب، بل ودعمت محرّكيها وتحديداً الإسلاميين! فيما رأى الجيران في ذلك تجاوزاً وتناقضاً لأدوارهم من جهة، ومبالغة في دور وحجم قطر من جهة أخرى”.

أبو هلال: “دوماً كانت القضية الفلسطينية هي القربان الذي يُقدّم على مذبح العلاقات العربيّة الأمريكيّة وامتداداتها الصهيونيّة للأسف!”،

ويقول أبو هلال في حديثه لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”: “دوماً كانت القضية الفلسطينية هي القربان الذي يُقدّم على مذبح العلاقات العربيّة الأمريكيّة وامتداداتها الصهيونيّة للأسف!”، ويتابع: “التعامل مع القضيّة الفلسطينيّة يأتي في سياق هذا التناقض العام في المواقف؛ فهناك محاولة من “المقاطعين” للتماهي بل التقدّم على الموقف الأمريكي من القضيّة الفلسطينيّة لكسب تأييدهم في حصارهم لقطر!”. 

ويضيف: “يأتي في صلب التناقض هذا أنّ قطر تؤوي قيادات حماس (الإسلامية والإخوانية!) ولا تعاديها، في الوقت الذي يرى الجيران وأتباعهم في حماس امتداداً لجماعة الإخوان التي يحاربونها بشراسة، من جهة أخرى هي تعمل على فكّ الحصار عن غزة بشتى السبل، بينما تشارك (مصر) في الحصار!”

بينما يرى المحلل السياسي علي البغدادي، “أن دعم قطر لحماس هو أحد أسباب المقاطعة، ولكنه ليس السبب المباشر، لأن الخلافات القطرية السعودية سابقة لاستضافة قطر لحماس”، ويجيب باقتضاب: “القضية هي إخضاع قطر، وجعلها بحرين2”.

تجاوز لأحلام الصهاينة
“المؤسف أنّه في غمرة صراع الأشقاء تعدّى الموقف عند البعض المحرّمات (الشكلية على الأقل) ليصل لاتهامٍ علنيٍّ جريء لمقاومة العدوّ ممثلة بحماس أنّها إرهاب”، يقول أبو هلال، ويتابع: “قطر بالتالي يجب أن تعاقب لأنها تدعم هذا الإرهاب! هذا أمر تجاوز أحلام الصهاينة، الأمر الذي جعل نتنياهو يصرّح أنّ العرب اقتنعوا أنّ إسرائيل ليست عدوهم وإنما الإسلام السياسي!”

البغدادي: “دعم قطر لحماس هو أحد أسباب المقاطعة، ولكنه ليس السبب المباشر، لأن الخلافات القطرية السعودية سابقة لاستضافة قطر لحماس”

ويتوقع أبو هلال أن ما يجري الآن من صراعٍ بين الأشقّاء، لا شكّ سيؤثر على تفاقم المعاناة بغزة،” لكنّنا نأمل ببقيّة عروبة وإنسانية تمنع من خنق الأشقاء”.

ولا يرى أبو هلال أن هناك عزلة عربيّة لقطر، “فكل ما هنالك خلاف بين طرفين من أشقائنا الخليجيين، نأمل أن يحلّ بالحوار والطرق الدبلوماسيّة بأسرع ما يمكن، وألاّ يُسمح للأطراف الأخرى بالتدخّل في حل هذا الخلاف في إطار البيت الداخلي، علاوة على تحريم الاستقواء بهذا الآخر”.

“أمّا استخدام “تهمة” دعم المقاومة في هذا الخلاف فنتمنّى أن تكون هذه كبوة جواد، وأن يعود الرّشد لأهله”، يطالب أبو هلال؛ ويقول: “إذ لا يمكن تخيّل عربيّا ومسلما بل حرّا أن يتّهم المقاومة وداعميها بالإرهاب، وأن يسعى لمعاقبتهم، هذا ضربٌ من جنون الخلاف والاختلاف!”

ويتابع أبو هلال: “لا نريد لاتهام قطر بدعم المقاومة أنّ يُجرِّئ الصهاينة على اتخاذ خطوات أخرى في محاربة الشعب الفلسطيني ومقاومته”.

لماذا حماس؟
ويستغرب الكاتب الأردني عريب الرنتاوي، من الزج بحماس في أتون الأزمة، ويقول: “الغريب أن من بين دول المقاطعة مع قطر، ليست هناك دولة واحدة تُدرج حماس رسمياً في عداد قوائمها السوداء للمنظمات الإرهابية”.

ويتابع: “فمصر استقبلت في اليوم ذاته، وفداً رفيعاً من حماس برئاسة يحيى السنوار، قائد حماس الجديد في قطاع غزة، والسعودية هي من استقبلت خالد مشعل في حوارات مكة، وقبلها وبعدها، وكذا الحال بالنسبة للإمارات، التي يجاهر رجلها القوي في فلسطين محمد دحلان، بصلاته الحمساوية، وتنسيقه مع الحركة في بعض المجالات، في القطاع وخارجه”.

“إذن من أين هبط هذا المطلب إلى لائحة الشروط المطلوب من قطر الوفاء بها، ولخدمة من على وجه التحديد؟” يتساءل الرنتاوي في مقال له، ويجيب عن تساؤله، “الحقيقة أنه لا يمكن تفسير الموقف المفاجئ والتصعيدي من الحركة الإسلامية الفلسطينية، بمعزل عن خطاب دونالد ترمب في القمة العربية – الأمريكية الذي أدرج فيه حماس إلى جانب داعش والنصرة وحزب الله في قائمة الإرهاب، وفي ظل صمت وتأييد واسعين من أطراف عربية وإسلامية مشاركة، وإذا كان مفهوماً أن ترمب يسعى في خدمة الأجندة الإسرائيلية في هذا الصدد، فأية أجندة تخدمها بعض الحكومات العربية، عندما تتماهى مع الموقف الأمريكي من حركة حماس؟”.       

ولا ينهي مقاله قبل أن يحذر من “التسويات الكبرى” والعائق الكبير أمامها حركة حماس، قبل الشروع بالتطبيع العربي كاملا مع إسرائيل، وبلا ثمن”. 

تعزل قطر اليوم لأنها وقفت إلى جانب الشعب الفلسطيني، لم تتخل عن دورها يوم كان الأسلم لها أن تتخلى، لم تضع رأسها بالتراب حينما أتقن البعض “دور النعامات”، فممثلها بغزة ورئيس لجنة إعمارها بالقطاع، محمد العمادي، يعرف حواري وأزقة غزة أكثر من معرفته بـ”كورنيش الدوحة”.

هي أغرب مقاطعة عربية شهدها التاريخ الحديث، ظاهرها تقويم سلوك وسياسات، وباطنها شطب عن الوجود، لكن لم يخب فأل قطر وحركات المقاومة، بتعويلها على الشعوب، وهي اليوم تمزق “وثيقة المقاطعة”، غير آبهة بكل عقوبات الحكومات، فبوصلة الشعوب واضحة لا تعرف إلا القدس.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات