الخميس 18/أبريل/2024

معيقات في طريق التهدئة

معتصم سمارة

يكاد يجمع المراقبون أن الأمور على الساحة الفلسطينية وصلت إلى نقطة يجب أن تحسم؛ إمّا الذهاب إلى مواجهة شاملة مع الاحتلال، وإما الخروج باتفاق يحل معظم أو جميع المسائل العالقة في قطاع غزة، وعلى ما يبدو ورغم الجهود الجادة المبذولة من عدة أطراف، بهدف الوصول إلى اتفاق، ما زال هناك عدة عوامل وعقبات تمنع الوصول إلى مثل ذلك الاتفاق، الأمر الذي قد يدفع إلى مواجهة شاملة أو تصعيد أكبر من المعتاد، لحين نضوج الظروف التي تقود إلى تفاهمات بين طرفين.

لقد جرب الكيان الصهيوني خلال أكثر من عقد هو وحلفاؤه، أكثر من وسيلة وأسلوب ضد حماس وقوى المقاومة، في قطاع غزة، بهدف تحييدها وإخراجها من المشهد دون جدوى، أو إضعافها، فقد استخدمت “إسرائيل” العمل العسكري في أقصى وأعنف أشكاله خلال 3 حروب، إلى جانب الحصار والخناق الاقتصادي على سكان القطاع، إضافة إلى المحاولات المستمرة لنزع الشرعية عن الحكم في القطاع، وأخيرا وليس آخرا محاولات سلخ فصائل المقاومة عن القوى الدولية والعربية المساندة لها بهدف الاستفراد بغزة وتصفية القضية الفلسطينية برمتها.

وقد بات واضحاً بعد مسيرات العودة وجولات التصعيد التي رافقتها، أن الطرفين مقتنعان بضرورة التوصل إلى تفاهمات تضمن استمرار الهدوء، وحل الإشكالات العالقة لسنوات عديدة قادمة على الأقل، حيث لم يعد الكثير في جعبة كليهما ليقدموه في ساحة المواجهة قبل الوصول إلى المعركة الكبرى والشاملة، والتي لا يريدها الطرفان، فما الذي يمنع الوصول إلى اتفاق؟

لكن في ظل هذه المعادلة، تبرز الكثير من المعيقات التي قد تؤخر التوصل إلى تهدئة، تقود إلى ربما هدوء شامل في المستقبل.

أولى هذه المعيقات، مواصلة حركة حماس منذ أربعة أعوام أسر أربعة جنود صهاينة لا يعرف أحد مصيرهم، وقد حاولت “إسرائيل” مرارا عبر كثير من الوسطاء الحصول على معلومات عنهم، دون جدوى في ظل إصرار حماس على إطلاق سراح أسرى صفقة وفاء الأحرار الذين أعيد اعتقالهم عقب أسر المستوطنين الثلاثة في الخليل عام 2014، كشرط لبدأ مفاوضات أي صفقة تبادل قادمة.

هذه النقطة بالذات ليس من السهل تجاوزها في طريق الوصول لاتفاق بين الطرفين، فغالبية وزراء الليكود كما وزراء اليمين في الائتلاف الحاكم يرون التوصل إلى اتفاق مع حماس دون حل قضية الجنود الأسرى، هو أكثر من تنازل بل هو خضوع لحماس والاعتراف بحكمها على القطاع، وإخراجها بمظهر المنتصر الحقيقي، خاصة في ظل إدارة أمريكية داعمة لكل ما يريده اليمين في “إسرائيل”، وفي ظل تهافت عربي غير مسبوق للتطبيع معها سواء بالعلن أو بالخفاء.

قضية أخرى لا تقل أهمية عن سابقتها تقف عائقا أمام الاتفاق وهي سلاح المقاومة، فـ”إسرائيل” تريد ضمانات أكيدة بين الفصائل في غزة، ومن رعاة الاتفاق أن تتوقف المقاومة عن تطوير منظومة السلاح وعن حفر الأنفاق، يسبق ذلك التوقف التام لظاهرة الطائرات الورقية وما رافق مسيرات العودة من اختراق السياج العنصري، بينما ترفض فصائل المقاومة الحديث عن سلاحها قبل رفع الحصار وإنهاء معاناة القطاع، على اعتباره حقًّا أساسيًّا وإنسانيًّا دون المساس بسلاح المقاومة، الذي ترى فيه الرادع الوحيد لغطرسة “إسرائيل” وعدوانها في المستقبل، وهي المعروفة مرارًا بنقض الاتفاقات والمواثيق، كما أن فصائل المقاومة ترى أن امتلاكها لهذا السلاح وتطويره هو حق طبيعي لشعب يعيش تحت الاحتلال ويسعى للانعتاق والتحرر، من جهتها “إسرائيل” تريد من هذا الاتفاق أن يحقق لها ما لم تستطع تحقيقه بقوة السلاح والحصار مستعينة بحلفائها في المنطقة وبالإدارة الأمريكية.

في ظل هذه المعادلة يبدو نتنياهو في موقف لا يحسد عليه وهو الذي لا يريد الذهاب إلى مواجهة شاملة غير مضمونة النتائج، ينصحه قادة جيشه بتجنبها بينما يحاول وزراء المستوطنين العطشى للدم الفلسطيني دفعه إليها، ويتهمه آخرون بالجبن والضعف أمام حماس، وفي الجهة المقابلة تستند حماس إلى رغبة دولية بضرورة رفع الحصار وحل أزمات القطاع، وإلى جو شعبي داعم للمقاومة ومسيرات العودة، ولكنها تقف أمام الحاجة الملحّة لإنهاء الحصار ومسؤوليتها الأخلاقية في ذلك أمام جماهيرها وسكان القطاع عامة، وإلى حين توصل الأطراف إلى تفاهمات في هذه القضايا بالذات ونقاط أخرى عالقة سيبقى الجو مشحونا ومرشحا للتصعيد عند كل حدث.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات