الجمعة 19/أبريل/2024

حرب الأدمغة.. صراع ميدان العقول بين القسام والاحتلال

حرب الأدمغة.. صراع ميدان العقول بين القسام والاحتلال

تطورت الحرب بين حركة المقاومة الإسلامية “حماس” والاحتلال “الإسرائيلي” لتتجاوز ميدان الأرض إلى ميدان العقول.

حربٌ يشتد أوارها دون أصوات القنابل والرصاص؛ يُطلق عليها “صراع الأدمغة”، تفوقت فيها حماس بجدارة وباعتراف قادة العدو، فمنذ عملية “الوهم المتبدد” ولغاية اليوم وهذه الحرب قائمة وتسيطر على الموقف.

قسم الترجمة والرصد في “المركز الفلسطيني للإعلام” تابع ما كتبه الكُتاب والمحللون “الإسرائيليون” على المواقع العبرية المختلفة تحت مفهوم”حرب الأدمغة بين إسرائيل وحماس” .

غرفة عمليات متطورة
فقد كشف تقرير نشرته صحيفة “معاريف” عن وجود غرفة عمليات تتواجد بمقر قيادة المنطقة الجنوبية بالنقب، تقوم بمتابعة ما يدور في قطاع غزة.

 

غرفة العمليات تلك مقسمة لغرف صغيرة ومتطورة، وفي كل قسم من أقسامها يجلس محقق كبير، وهو مسؤول عن نقل صورة الوضع للقيادة العليا، ويعتبر هؤلاء المحققون هم خيرة العقول الأمنية الإسرائيلية التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية، وفي الوقت نفسه توجد غرفة عمليات مشابهة لدى حماس تقوم بجمع المعلومات عن الجيش “الإسرائيلي”.

ويضيف التقرير أن أهداف غرفة العمليات تشمل؛ رصد القطاع وحركة كبار قادة حماس وذراعها العسكري ورجالات الكوماندو البحري “النخبة” والتي تعد وحدة التنظيم الخاصة، ومتابعة الأنفاق وتصنيع الصواريخ والطائرات بدون طيار، ويقضي عمل الغرفة بضرورة إحباط عمليات هذه الوحدة قبل وصولها للحدود وتكبيد الجيش والإسرائيليين خسائر بشرية.

ونقل التقرير عن  مسؤول أمني “إسرائيلي” يعمل في غرفة العمليات قوله: “أنا ملزم بإعطاء معلومات عن كل محاولة لإطلاق الصواريخ والهاون، ومعلومات عن أماكن استعداد العدو ساعة الطوارئ، وإنذارات عن كل ناشط يصنع عبوة على السياج والوسائل التي يستخدمها، وكيف سيؤثر ذلك خلال المواجهة معه، وهذه المعلومات تصل إلى الألوية والفرق ساعة الصفر ويجب الاهتمام بها ودراستها جيداً”.

ويرى محلل الشؤون الصهيونية في “المركز الفلسطيني للإعلام” أن حماس فرضت معادلتها على أرض الواقع، وأصبحت تتعامل مع الكيان نداً بند، وكانت ولا زالت تسعى تطوير قدراتها الأمنية والعسكرية وتفوقت في أكثر من موقع، وهو ما اعترف به الكيان.

ففي (2-11-2013)، نشرت صحيفة “هآرتس” على موقعها الإلكتروني تحليلا تحدثت فيه بإسهاب عن عملية خانيونس التي نفذها عناصر من كتائب القسام ضد جنود من سلاح الهندسة في جيش الاحتلال أصيب خلالها 5 من جنودها.

وقالت الصحيفة في تحليلها “إن الكمين الذي نفذه عناصر كتائب القسام للجنود الإسرائيليين قد أدخل حرب العقول بين إسرائيل وحماس مرحلة جديدة، وأن قيادة الجيش ستطلب من قيادة المنطقة الجنوبية توضيحات حول التأكد إن كان بالإمكان تجاوز الكمين في النفق”.

التعمق الاستخباري
وأجرت صحيفة “معاريف” لقاءً مع رئيس شعبة الأعمال العدائية في المنطقة الجنوبية، وقد شرح فيه نظريته الدفاعية في القسم المسئول عن تصرفات المواطن الغًزي العادي، ونشاطات المقاتلين في غزة، وعلى وجه الخصوص متابعة قضية الأنفاق.

 

وأضاف” المواطن يعيش في واقع ليس بالسهل ويهمني كيف يؤثر ذلك على تصرفاته، وما يهمني أكثر هو ما الذي يفعله الناشط الذي أتابعه، وكل ما هو موجود على حدود القطاع بما في ذلك العلاقة بين المناطق المختلفة”.

وتابع رئيس الشعبة التي رمز له التقرير “ن” قوله: “في نهاية الأمر نتلقى المعلومات من مصادرها ونقوم بصياغة وثائق عن صورة الوضع إلى المستويات التكتيكية العليا، وذلك لمساعدة القوات خلال المعارك وطريقة إدارتها، ونحن مسؤولون عن إعطاء القرار حول أولوية التعمق الاستخباري في تشكيل من تشكيلات العدو، والمعلومات التي نزودهم بها تؤثر بشكل كبير على نشاطات الوحدات على الأرض، وهذا يغير أساليب العمل والمكان والزمان وبالتأكيد نتيجة هذه النشاطات”.

 وتحدث ” ن” بإسهاب عن ضرورة متابعة حتى التفاصيل الصغيرة ومن بينها طريقة تصرف قادة حماس قائلاً: “في كل مرة يقوم فيها رئيس حكومة حماس إسماعيل هنية بأكل الذرة على شاطئ البحر فيجب أن أبحث عن دلالات هذا الأمر، هل يرغب بإظهار قدرته على الحكم أو أنه  يشير إلى أن الوضع بغزة عادي، كذلك عندما يأتي هنية مع سترة إنقاذ إلى شارع مهدد بالغرق بغزة فما الذي يريد أن يقوله ولماذا؟ هل هناك ثغرات في القيادة؟ ولماذا يحتاج إلى هذه التصرفات؟”.

جيش القسام
وبحسب التقرير يلاحق “ن” تحركات حماس بالقطاع منذ 4 سنوات وقبل عملية ما أسماه “عامود السحاب” ويَعرف التنظيم من جميع زواياه الاستخباراتية، بالإضافة لمعرفته بالخطوات التي اتخذها التنظيم نتيجة استخلاصه للعبر بعد مواجهاته مع الجيش.

وأضاف “ن” إن احتكاك الجيش بحماس يخلق الكثير من المعلومات، وهذا الاحتكاك يمكننا من فهم نظرية القتال الخاصة بهم، أضف إلى ذلك جمع المعلومات اليومي من النشاطات التي تقوم بها الحركة ومن نشاطاتنا الاستخبارية مع الوصول إلى أدق التفاصيل”.

ونقل التقرير عن “ن” قوله “حماس تستخلص العبر؛ وهذا التنظيم يدرس المنطقة جيداً ويديره قادته في الجناح العسكري، وفي النهاية وصلنا إلى نتيجة أن الجناح العسكري بحماس يفكر مثلنا، فهم يقومون بالجلسات التفصيلية التي نقوم بها نحن، هذا تنظيم بدأ بنشاطات بحسب زعمه “إرهابية”، وتحول اليوم إلى جيش بكل ما للكلمة من معنى، التنظيم تطور وشكل أنظمة وتدرب وطور نفسه ودرايته العسكرية، وتطور في إطلاق الصواريخ المضادة للدروع والصواريخ الأخرى، وأيضاً تطوروا في صناعة المتفجرات وكل ذلك يوجه ضدنا هذه الأيام” .

تهديد الجبهة الداخلية
وأشار التقرير؛ أن الهدف يكمن في معرفة الخطة القتالية لحماس ساعة الصفر على حد وصف “ن”.

وتابع قائلا: “جلسنا وقمنا بتحليل الفكرة العسكرية للتنظيم ساعة المعركة، ما الذي يريده؟ التسلل لمناطقنا؟ القيام بعمليات دفاعية بمنطقته؟ بذل الجهود في التشويش على الجبهة الداخلية؟ والهدف يكمن في فهم المنطق الذي يفكر فيه.

وفي وقت لاحق أجرت الصحيفة لقاءً مع الملقبة “أ” وهي مسئولة عن دراسة وتحليل نظام إطلاق النار الخاص بحماس؛ وهي تهتم بمتابعة تطور الوسائل القتالية لدى حماس، وجمع معلومات عن السلاح الذي يصل للحركة.

وقالت: “حماس تهدد الجبهة الداخلية والقوات، أنا أبحث كيف يتصرف العدو بالمنطقة لتحذير القوات بكيفية التأقلم مع التهديد، أبحث في قدرات العدو القتالية والصواريخ التي يصنعها والتجارب التي ينفذها”.

وتذكر الصحيفة أن من الأمثلة على تحليل “أ” للمعلومات؛ هي تجارب حماس التي تجريها أيام الهدوء ومن بينها إطلاق الصواريخ باتجاه البحر.

وتضيف “التنظيم يتعلم ويطور قدراته طوال الوقت، لا يوجد اليوم نشطاء يصلون للسياج ويطلقون النار، التهديدات تحولت إلى أكثر تنظيماً وأكثر تعقيداً، هنالك أماكن إطلاق صواريخ من داخل المقابر ومن الدفيئات الزراعية، وفي بعض الأحيان ليس بالإمكان رؤية الناشط عندما يأتي لتشغيل الصاروخ فقد تعلموا إخفاء ذلك ونحن بحاجة لتحسين قدراتنا على إيجادهم”.

ويتابع المحلل؛ أن زعم الاحتلال بأنه ألمَّ بكافة المعلومات الاستخبارية والعسكرية حول مقاتلي القسام وقيادة حماس هو زعم باطل؛ أكدته الحرب الأخيرة على قطاع غزة؛ حيث أعلن الاحتلال عن نفاذ مخزون الأهداف لديه بعد اندلاع الحرب بوقت قصير مع استمرار عمليات المقاومة المختلفة والمتنوعة، وهذا يؤكد على فشل الكيان في تكوين صورة واضحة عن المقاومة في غزة، ولم يستطع أن يخفي صدمته من العمليات النوعية التي قامت بها المقاومة، وعلى وجه الخصوص تلك التي كانت خلف خطوط العدو، وما كان استهداف الاحتلال للمستشفيات والمقابر والمساجد، إلا ليؤكد عجز قوة الاحتلال الاستخباراتية وللتغطية على فشله بإيقاف صواريخ المقاومة المنطلقة من القطاع.

وعي فلسطيني
وأشارت”أ” إلى تحسن الوعي الأمني لدى الفلسطينيين فلم يعد يتحدث أحد لصديقه بأنه سيذهب لتنفيذ عملية في المكان كذا، ويرجع ذلك إلى معرفة الفلسطينيين بمدى المتابعة الإسرائيلية لنشاطاتهم، ومن اللحظة التي تبدأ فيها مواجهة مع القطاع؛ فمهمة غرفة العمليات متابعة جميع الزوايا ومن بينها معلومات عن النظام الأرضي الخاص بحماس وتشكيلات الحركة النارية والهجومية والدفاعية.

وفي نهاية الأمر يتم وضع تصور للوضع أمام مسؤول غرفة العمليات ويتم نقلها لـ”أمان” ، محققو غرفة العمليات يبحثون الواقع في القطاع على مدار 24 ساعة، ولذلك فإن صراع الأدمغة والتكنولوجيا أمام رجالات الاستخبارات في حماس الذين لا يرتاحون أيضاً للحظة، هو الفيصل في تحديد طريقة إدارة المواجهة على الأرض، وفي أي جهة ستكون الخسائر وأين ستتوج عمليات ناجحة أو فاشلة”.

ويؤكد المحلل على أن؛ الإعلام المقاوم ساهم وبشكل كبير في زيادة وعي الفلسطينيين تجاه وسائل الاحتلال بجمع المعلومات عن المقاومة، بالإضافة إلى الجهود التي تبذلها الحكومة في غزة من أجل ملاحقة العملاء، لمنع وقوع المزيد من الخسائر في صفوف المقاومة.

انهيارالردع
فيما كتب المحلل الأمني الصهيوني “رونين بيرغمان” مقالا بعنوان “حماس لم تعد تخاف إسرائيل منذ زمن”.

 

وقال في مقاله: “إن إسرائيل تفقد مدماكا إثر مدماك في قدرتها على الردع، وحكومتها لا تجد أي اتجاه تسير فيه هي والشعب الذي تتولى المسؤولية عنه”.

 ويستشهد الكاتب في مقاله بما ورد  “في كتاب “الشجاعة للانتصار”

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات