العربدة في رام الله والعقاب لغزةٍ
يكاد يصبح مشهد تجول الجيبات والمدرعات «الإسرائيلية» مشهداً مألوفاً في رام الله وفي مركزها، حيث تجمع الوزارات والمؤسسات الحكومية الرسمية التابعة للسلطة الفلسطينية.
إلا أن صورة لأحد الجنود الإسرائيليين تصدرت صفحات «فيس بوك» الفلسطينية خلال الأيام الماضية، وهو بالقرب من حائط مبنى مجلس الوزراء الفلسطيني في رام الله، ولا أحبّذ الخوض في مضمون هذه الصورة التي شكّلت إهانة لهذه المؤسسات و”هيبتها”.
نعود بالتاريخ قليلاً إلى الوراء، عندما كان مجرد اقتحام المدن الفلسطينية ومراكزها حدثاً استثنائيًّا يستوجب التصدي له سواء من الفصائل الفلسطينية، أو حتى أجهزة السلطة الرسمية، ولا ننسى في هذا المقام الإشارة إلى أمثال القائد أبو جندل، أحد قادة الأجهزة الأمنية استشهد أثناء تصديه لاقتحام الاحتلال مخيم جنين في الضفة الغربية المحتلة.
حدثت حالة كي وعي غير عادية خلال السنوات العشر الماضية في الضفة المحتلة، تبناها محمود عباس وفريقه السياسي بمساعدة برامج ممولة خارجيا، تم توجيه الجزء الأكبر منها نحو إعادة تأهيل المؤسسة العسكرية والأمنية الرسمية بالضفة، بفكر وتوجيهات تعكس الرؤية التي يتبناها عباس، فيما يتعلق بالتنسيق الأمني ومحاربة المجموعات العسكرية التي تتبع للمقاومة أو العشوائية، الأمر الذي ساهم إلى حد كبير في تراجع عمليات المقاومة والعمليات الفدائية المسلحة بالضفة، وهذا إنجاز يتفاخر به عباس.
بينما يدوس الاحتلال بمدرعاته «سيادة» السلطة في معاقلها بالضفة، يستمر محمود عباس في «التنسيق» مع الاحتلال ويتجه في المقابل إلى فرض مزيد من العقوبات التعسفية على غزة، ومن ذلك استمراره في سياسة قطع رواتب والخصم منها ووقف تزويد الوزارات بما يلزمها، وسحبه للموظفين التابعين للسلطة من معبر رفح، الأمر الذي أثّر على انتظام عملية السفر فيه، وما إلى ذلك من إجراءات يهدد أقطاب السلطة بمزيد منها.
هذا الأمر يضع المساعي المصرية نحو تحقيق مصالحة على المحك، وأيضاً يضعها أمام اختبار لمعرفة مدى جديتها، وقدرتها على ترتيب أوضاع البيت الفلسطيني، أو أنها مجرد حلقة من حلقات كسب الوقت وإشغال أطراف صنع القرار في مداولات لا نهاية لها.
خصوصاً وأن عباس وفريقه ماضون في اتخاذ مزيد من الخطوات التصعيدية تجاه غزة «ولا أقول تجاه حماس»، لأن المتضرر منها جميع أفراد الشعب الفلسطيني بالقطاع، والتي كان من بينها مؤخراً حلّ المجلس التشريعي الفلسطيني.
كما ويدور الحديث عن تشكيل حكومة من «فصائل منظمة التحرير»، بما يعزز الانفصال والانقسام، وفي محاولة لتجاوز الدور التجميعي الذي لعبته «حماس» مؤخراً في غزة مع الفصائل، ونتج عنه حالة عالية من التناغم ظهرت خلال إدارة الفعاليات الميدانية في حراك مسيرات العودة وكسر الحصار، وفي آليات وطبيعة الرد العسكري لفصائل المقاومة على العدوان، وفي المواقف المتقاربة من القضايا المختلفة، وهو ما يراه فريق عباس سحباً للبساط من تحت أقدامهم.
الاحتلال غير بعيد عن المشهد، بل هو في قلبه وجميع التباينات مبنية في الأساس على وجوده، وهو العامل الرئيسي في حالة الخنق والضغط المأساوية التي يعيشها القطاع، عبر الحصار وسياساته العدوانية، التي كان من آخرها وقف إدخال المنحة القطرية إلى قطاع غزة.
يحاول نتنياهو أن يحقق مزيداً من النقاط بهذه الخطوة قبيل الانتخابات الإسرائيلية، ويخشى في الوقت ذاته من التصعيد الذي قد يجعله وحزبه في مهب الريح إن فشل في التعاطي معه، فذهب للضغط على غزة ومحاولة إخضاعها بتشديد الحصار، وابتزازها مقابل الهدوء، وقد كانت الرسائل الأخيرة عبر الوسيط المصري واضحة في هذا الشأن.
إلا أن النظرة العامة لجميع المعطيات تعطي انطباعاً بأن غزة تتعرض لعدوان متعدد الأوجه من عدة أطراف، تتلاقى جميعاً في غاية كسرها وإخضاعها، وإن اختلفت مبرراتها المعلنة، لكنها مقامرة خطرة والقلق الأكبر يكون من نصيب الاحتلال.
صحيفة العرب القطرية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
“الإحصاء الفلسطيني”: مليون و100 ألف مواطن في رفح
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أعلن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، الخميس، أن عدد المواطنين المقيمين في محافظة رفح لغاية 22...
حماس تطالب بفرق متخصصة للبحث عن المفقودين والتعرف على شهداء المقابر الجماعية
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام جددت حركة المقاومة الإسلامية حماس مطالبتها للأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية ذات العلاقة بضرورة إرسال فرق...
ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 141 بعد ارتقاء “الجمل”
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام استشهد الزميل الصحفي محمد بسّام الجمل، صباح اليوم الخميس، في قصف إسرائيلي استهدف منزله في رفح جنوب قطاع غزة. وقال...
طالبت بتحركٍ دوليٍ عاجل.. حماس تحذر من مخاطر النقص الحاد للوقود بمستشفيات غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس، اليوم الخميس، أن التحذير الذي أطلقته وزارة الصحة في غزة، بشأن النقص الحاد في...
جيش الاحتلال يعلن إصابة 11 عسكريا برصاص المقاومة في غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة، خلال الساعات الـ24 الأخيرة، دون إضافة معلومات عن...
خليل الحية: لن نفرج عن الأسرى دون وقف إطلاق النار وانسحاب الاحتلال من غزة
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام أكد نائب رئيس حركة حماس في قطاع غزة، القيادي خليل الحية، أن الإشكال الحقيقي في مفاوضات وقف العدوان العسكري على...
مقررة أممية تدعو لفرض عقوبات على إسرائيل
عمان – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت مقررة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان المعنية بالأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، أن...