الجمعة 26/أبريل/2024

إسرائيل فوق القانون..!!

رشيد حسن

القاضي غولدستون، رئيس البعثة الدولية للتحقيق في جرائم الاحتلال، عدّ أن سر استمرار العدو الصهيوني في ارتكاب الجرائم، وفي شن حرب إبادة على الشعب الفلسطيني، وفي استمرار التطهير العرقي واستعمال الأسلحة المحرمة «الفوسفور الأبيض» هو: الإفلات من المساءلة الدولية، والإفلات من العقاب.

القاضي الجنوب أفريقي «غولدستون» أدان العدو الصهيوني في تفريره المشهور، والمنشور في 2 أكتوبر، وطالب بتحويل المسؤولين الإسرائيليين عن الجرائم التي ارتكبت في العدوان على غزة 2008 إلى الجنائية الدولية، وصوتت «144» دولة في الجمعية العمومية للأمم المتحدة لصالح القرار.. ولكنه مع الأسف أجهض لتهديد أميركا «بالفيتو».

غولدستون كان حينها متفائلاً، لا بل مغرقاً في التفاؤل، حينما عد «أن زمن إفلات “إسرائيل” من المساءلة والعقاب قد ولى» إذ سرعان ما التفت أميركا على التقرير، وسحبته من المنظمات الدولية، وأصبح أثراً بعد عين..!!

وها هي “إسرائيل” مستمرة في انتهاكها للقانون الدولي، ولحقوق الانسان الفلسطيني.. ومستمرة في اقتراف جريمة التطهير العرقي، وفي شن حرب إبادة على الشعب الفلسطيني، وعلى مدار الساعة.. وهو ما جعل كثيرون يرددون أن “إسرائيل” فوق القانون الدولي…!!

واذا كانت هذه هي الحقيقة الساطعة.. فمن الذي حماها.. ويحميها من العقوبات الدولية ؟؟ مما جعلها تتصرف وكأنها فوق القانون الدولي؟؟

إن استعراضاً سريعاً لتاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وخلال السبعين سنة الماضية.. نجد أن العصابات الصهيونية ارتكبت جرائم حرب، وحرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني.. أمام سمع وبصر العالم كله.. وأمام سمع وبصر دولة الانتداب «بريطانيا».. وأمام سمع وبصر الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وأمام سمع وبصر لجان الهدنة التي شاهدت وشهدت أحياناً ارتكاب هذه المجازر… بدءاً من دير ياسين، وليس انتهاء بالطيرة والدوايمة واللد والرملة.. وصبرا وشاتيلا..إلخ.

لجان الهدنة وثقت هذه الجرائم، كما يؤكد المؤرخ الإسرائيلي «ايلان بابيه» في كتابه المشهور «جرائم التطهير العرقي في فلسطين» الصادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية ط 2007. ويؤكد تآمر دولة الانتداب، وتواطئها مع هذه العصابات، ويشير بشكل موسع كيف تآمر القائد الإنجليزي لحيفا، وخدع العرب.. وانسحب قبل الموعد المحدد والمتفق عليه مع الفعاليات الوطنية في حيفا، وترك المدينة نهبا لعصابات الهاغاناة، التي ارتكبت أبشع جرائم القتل الجماعي، باستعمال البراميل المعبأة بالمتفجرات، ودحرجتها من جبل الكرمل إلى قاع المدينة، لقتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين، ودفعهم للهروب من المدينة إلى منطقة الميناء.

ويشير «بابيه» إلى دور بريطانيا في تسليح العصابات الصهيونية، وفي إرسال ضباط لتدريبهم على حرب العصابات والقتال ليلاً، كل ذلك لتنفيذ وعد بلفور المشؤوم، بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وقد اشترطت بريطانيا على عصبة الأمم، أن يتضمن صك انتدابها على فلسطين، كما يقول المؤرخ الفلسطيني، رشيد الخالدي في كتابه «القفص الحديدي» اشترطت تنفيذ وعد بلفور، وإقامة دولة لليهود على أرض فلسطين.

إن إفلات الكيان الصهيوني الغاصب من العقوبات الدولية، لم يتم صدفة، بل هو سياسة مبرمجة، واستراتجية ثابتة للدول التي أقامت هذا الكيان، ودعمته ولا تزال.. ونعني بريطانيا التي أقامت هذا الكيان، ثم انسحبت بعد أن ضمنت له شروط الاستمرار والبقاء، لتقوم أميركا بالدور المطلوب.. دعماً وحماية..

إن استعراضا سريعا لقررات «الفيتو» وهي أكثر من «50» قراراً، اتخذتها واشنطن لحماية “إسرائيل” من المساءلة والعقوبات الدولية، يبين لنا دور أميركا في حماية الجريمة، وفي حماية حروب الإبادة التي شنتها ولا تزال تشنها العصابات الصهيونية.

إن دور أميركا لم يحمِ “إسرائيل” من العقوبات الدولية فحسب، بل شجعها على الاستمرار في ارتكاب المجازر والمذابح، وشجعها على رفض القرارات الدولية، وشجعها لتصبح دولة إرهاب لا يجرؤ أحد على محاسبتها.

باختصار.. ستبقى “إسرائيل” فوق القانون.. تمارس إرهاب الدولة أمام سمع وبصر العالم، ما دامت في جيب الكنغر الأميركي، تحميها الدولة الأكبر والأقوى في العالم، تمدها بكل أسباب وأدوات الجريمة، وتحميها وتظللها بخيمة «الفيتو».

وللحديث بقية..

صحيفة الدستور الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات