الخميس 25/أبريل/2024

تراثنا الفلسطيني .. إعمار حضاري

د. نافذ سليمان

 

تمثل الجهود المباركة التي تبذلها الحكومة الفلسطينية في غزة من خلال وزارة السياحةوالآثار، فلسفة جديدة في الإعمار الحضاري لفلسطين، فرغم مرور عام على حرب الفرقان، واستمرار الحصار بل وتشديده من خلال بناء الجدار المصري، إلا أن عملية إعادة الإعمار على الطريقة الغزية مستمرة بعيداً عن ذل المساعدات الغربية والعربية المسيسة.

فقد شهدنا في الفترة الأخيرة مجموعة من الأنشطة التي تستهدف الحفاظ على التراث الفلسطيني ، مثل الكشف عن مدينة أثرية في تل زعرب بمدينة رفح، تحتوي على قطع معدنية وفخارية من عصور قديمة، وأخيراً افتتاح متحف قصر الباشا الأثري في غزة، والذي يعود تاريخه إلى العهد المملوكي زمن الظاهر بيبرس، والذي يرتبط ذكره بموقعة عين جالوت التي هزم فيها مع سيف الدين قطز جموع التتار الزاحفة نحو بلاد الشام ، والتي كانت نهاية لهجومهم البربري.

إن التراث يمثل مجموع نتاج الحضارات السابقة التي يتم توريثها من السلف إلى الخلف وهي نتاج تجارب الإنسان ورغباته وأحاسيسه سواء أكانت في ميادين العلم أو الفكر أو اللغة أو الأدب وليس ذلك فقط بل يمتد ليشمل جميع النواحي المادية والوجدانية للمجتمع من فلسفة ودين وفن وعمران… و تراث فلكلوري واقتصادي أيضاً.

والتراث الفلسطيني يشمل كل ما شيده الأجداد من عمائر ومساجد، والحرف اليدوية والصناعات التقليدية، والأزياء الشعبية كالثوب الفلسطيني، والفنون الشعبية الفلسطينية.

إن التراث هو الهوية الثقافية للأمة، والتي من دونها تضمحل وتتفكك داخلياً، وقد تندمج ثقافياً في أحد التيارات الحضارية والثقافية العالمية القوية . . وبالنسبة للمسلمين فإنهم يتعرضون لهذا التفكك ويندفعون بقوة مطردة نحو التيارات العالمية المتباينة [1] .

ويعمل العدو الصهيوني جاهداً منذ بدايات الاحتلال على إحداث إنفصام معرفي ووجداني وحسي بين الأجيال الفلسطينية الناشئة والتراث الفلسطيني ، الذي يمثل ذاكرة الأجيال وجسر التواصل بينها، وذلك انطلاقاً من عقيدته التوراتية المحرفة ،فقد قام العالم البريطاني جلوك بالبحث في تراث فلسطين وتوصل إلى نتيجة عبر عنها قائلاً: كلما ذهبت مستكشفاً في وادي الأردن أو وادي عربة أو أي جزء من شرقي الأردن كنت استعمل التوراة كدليل للآثار وأثق بمعلوماتها وشواهدها [2] .

ومن جرائم الاحتلال الصهيوني ضد التراث الفلسطيني تدمير التراث الحضاري حيث تعرض الكثير من الأماكن الأثرية إلى الاعتداءات الإسرائيلية التي أخذت أشكالاً متعددة منها: [3] أعمال التدمير والإهمال كما يحدث الآن من أعمال الحفر التي تقوم بها إسرائيل أسفل المسجد الأقصى وقد وصل حد التدمير إلى عملية حرق المسجد الأقصى عام 1969 . 

وفي قطاع غزة تعرضت الأماكن الأثرية الهامة لأعمال السرقة وإهمال الصيانة بالإضافة إلى التجريف والإزالة ، حيث تم تجريف التلال الرملية في منطقة تل العجول لأغراض زراعية ، وهذا أدي إلى اندثار الكثير من الآثار ،والتي منها أرضيات  الكنائس المغطاة بالفسيفساء، والميناء الروماني على شاطئ بحر غزة ، هذا فضلاً عن الدمار الرهيب الذي لحق بالبيوت والبنية التحتية والمساجد والمدارس والمستشفيات نتيجة الحرب الأخيرة على غزة من 27-12-2008 إلى 19-1-2009.

ويأتي دور التربية في الحفاظ على التراث الفلسطيني من خلال تدريسه ضمن المنهاج، وتسيير الرحلات الطلابية للتعرف على الأماكن الأثرية، وإجراء المسابقات والأبحاث والدراسات حول التراث الفلسطيني ، وتشجيع الطلبة وخاصة الجامعيين لإجراء الأبحاث المعملية على بقايا التراث المعماري والكشف عن أصوله التاريخية لتأكيد حقنا على أرضنا الفلسطينية ، وتفنيد مزاعم الصهاينة وأباطيلهم في هذا الموضوع.



[1] أكرم ضياء العمري : التراث والمعاصرة، سلسلة كتب الأمة  العدد 10 ، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، قطر.

[2] مازن شما : التراث الفلسطيني بين نظرة المستشرقين والحقائق التاريخية، موقع نور الأدب، http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=3155

[3] وزارة التخطيط والتعاون الدولي . الإدارة العامة للتخطيط البيئي، ملامح غزة البيئية ـ الجزء الثاني: العلاقة بين الإنسان والبيئة ـ أبريل 1995، ص26

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

جامايكا تعلن الاعتراف بدولة فلسطين

جامايكا تعلن الاعتراف بدولة فلسطين

كينجستون – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزيرة الخارجية والتجارة الخارجية في دولة جامايكا، اليوم الأربعاء، أن دولتها اعترفت رسميًا بدولة فلسطين....