الخميس 28/مارس/2024

(غزة – المقاومة).. في مرمى عدوان عسكري مصري

(غزة – المقاومة).. في مرمى عدوان عسكري مصري

لا يجوز استبعاد أن الانقلابيين في مصر، يفكرون جدياً في عدوان عسكري على غزة قد تسبقه محاولة اجترار تجربة حركة تمرد التي صنعوها واستعملوها في انقلابهم، ويقوم بها أنصار سلطة الحكم الذاتي هناك.. هذا العدوان لا يستبعد لأسباب يمكن جمعها في سببين اثنين؛ أحدهما: مقتضى إبقاء وتثبيت الانقلاب نفسه، والثاني: مقتضى إنهاء وضعية غزة تحت حكم حماس، وعلاقة ذلك بالمفاوضات مع (إسرائيل) من ناحية، ورد الانقلابيين الجميل لها – كما تقول صحف العدو وكتّابها من ناحية أخرى.
أما مصلحة الانقلاب في حرب على غزة فتتمثل في 1- أن عدواناً كهذا يكسبه اعترافاً الشرعية الدولية والإقليمية التي طريقها أميركا و”إسرائيل”، كما يكسبه دعم وتمويل النظم الصهيوعربية ” 2- وأن عدوانا كهذا سوف يستقطب عناوين الإعلام، ويصير مشجباً يعلقون عليه انهياراتهم الخلقية والاقتصادية والأمنية.
وأما مقتضى وضعية غزة ؛ فيتمثل في: 1- أن غزة في ذهنية الصهاينة ومفاوضي سلطة الحكم الذاتي هي المكان الوحيد والحصري لإقامة الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح الموعودة، والتي ستحفظ ماء وجه مفاوضاتهم في نهاية المطاف، وهذا يعني ضرورة إنهاء حكم حماس لغزة من أجل فتح أفق هذه النهاية التي يفترض أن ترسو عندها المفاوضات خلال مهلة التسعة أشهر من بدئها (والوقت يتلاشى)، فبقاء حكم حماس واستمرار توليها مقاليد السيطرة والمقاومة في غزة يحبط فكرة الدولة – المخرج – ويبعثرها، كما يفقد المفاوضات ذريعتها الوحيدة ويصيّرها مجرد عملية عبثية ومتوالية عدمية 2- أن حرباً على غزة يشنها (جيش منسوب للعروبة) ستكون أقدر وأجدى من حرب “إسرائيلية” عليها لميزتين في نظرهم ؛ الأولى: أن جبهة الاعتراض العام العربية والعالمية عليها لن تكون بسعة وتأثير جبهة الاعتراض على عدوان يهودي، والثانية: أن الجيوش “العربية” لا تأبه بكثرة من يقتل منها بخلاف جيش الاحتلال!!
في هذا السياق صرنا نسمع شعارات ضد حماس وغزة وحواليها في سيناء؛ مثل “غزة إقليم متمرد، محاربة الإرهاب، تأمين حدود مصر، الأمن القومي المصري، إنهاء الانقسام بالقوة.. إلخ” وفي ذات السياق تأتي التحركات العسكرية المصرية ضد غزة، والحملة الإعلامية التي تشنها فضائيات الانقلاب المصري عليها، وتأتي افتراءات واصطناعات الأحداث الأمنية في سيناء وتقريبها من حدودها، ويأتي سماح العدو لعسكر الانقلابيين بالاقتراب من تلك المنطقة خلافاً للاتفاقات الموقعة، ويأتي إعلان “عزام الأحمد” عن رغبته في الدخول إلى غزة على دبابة مصرية.. إلى غير ذلك من الحيثيات والشواهد.
بقي أن نسأل.. إذا كانت هذه حسابات أمريكا وحسابات العدو الصهيوني، وتوابعهما من عساكر الانقلاب وسلطة الحكم الذاتي ومن يلف لفهما.. فهل الأمر على ما يريدونه؟ وهل ما يريدونه يقررونه؟ وهل ما يقررونه حتم لازم وضربة لازب؟ لا فكاك منها أم أن حسابات السرايا تختلف عن حسابات القرايا.. كما يقال؟
بحسبة بسيطة وبادي الرأي، يمكن القطع بأن الأمر لن يكون كما يريدون، وأن نقاط قوة يمتلكها الشعب الفلسطيني ومقاومته في مواجهة هذا العدوان ستحبطه فيما لو حدث؛ من ذلك 1- الناس في مصر لا يزالون يخرجون للشوارع رافضين الانقلاب وهذه نار حارقة للانقلاب، وبالتأكيد سيزداد أوارها ويتسع مداها ويمكن تأجيجها في وجه هذا العدوان 2- الانقلاب لم يحقق نصراً واستقراراً يرتكز إليه كنقطة انطلاق تجاه حرب خارجية 3- أي عدوان على غزة سيظل دائماً منسوباً لأبيه الصهيوني، فاقداً للمبرر الأخلاقي، فكيف ولحماس سمعتها النظيفة كحركة مقاومة؟! وتاريخها الذي يقوم على عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية؟! وكيف إذا كان في مقابلها انقلابيون دمويون خائنون طارئون؟! الأكيد أن ذلك سيمنع تحقيق الاستقطاب المستهدف ضد حماس 4- قيام سلطة الانقلاب بتدمير الأنفاق وتفريغ كامل منطقة الحدود مع غزة بعرض كيلو متر من المساكن والأنفاق قطع حجة العدوان من أساسها وارتكازها على دعوى حماية الأمن القومي المصري 5- هذه الحرب ستكون لها خطورة حقيقية وبالغة على النظم (الصهيوعربية) الداعمة للانقلاب والهشة في مهب الثورات العربية 6- إذا كان للانقلاب المصري بطولات على شعبه المسكين الأعزل وعلى الجماعة المتشبثة بالسلمية، فالأكيد أن مثل ذلك ليس في غزة؛ التي يحميها عشرات الآلاف من أسود المجاهدين العقائديين وأهل الأرض التي تعرفهم ويعرفونها، والذين اكتسبوا الكثير من الخبرات القتالية في حروبهم الحقيقية التي خاضوها ضد أعتا الجيوش وأكثرها إعداداً واستعداداً وعدة وعتاداً هو جيش الاحتلال 7- سيستغرق عدوان كهذا من الوقت ما يمكن أن تنقلب به أمور كثيرة لصالح الشعب الفلسطيني ومقاومته.. وقد يكون الشرارة التي تطلق الانتفاضة الثالثة المنتظرة، أو الشرارة التي تطلق انقلاباً كبيراً في الرأي العام المصري يؤدي للانقلاب العسكري المنتظر أيضاً 8- لا يجوز أن نغفل قدرة حماس وأنصارها من أشخاص ومنظمات ودول على تجييش الرأي العام الشعبي الدولي والإقليمي والمستوى القانوني ضد حرب كهذه.. وفي ذهننا (سفن كسر الحصار، والحملات العالمية الخيرية والإعلامية والسياسية والقانونية.. وفي ذهننا أيضاً شعب سيناء وما يمكن أن يقوم به) 9- وأخيراً – في كلامي لا في الواقع – سيكون العامل الديني والروحي والمعنوي لصالح غزة والمقاومة التي ستكون المظلومة والمحقة في مقابل عسكر خائنين بلدهم، منقلبين على دستورهم، موالين لعدو أمتهم الكافر، ومستندين لطابور من المتصهينين المنافقين) وكل ذلك تحت راية الظلم والفساد والإلحاد!! فهل يستوي في عين الله تعالى من سعيه إلى الرشاد مع من سعيه إلى الخراب اليباب؟!
آخر القول: يفكرون في عدوان على غزة، وقد يسبقه مغامرون بمحاولة تمرد على المقاومة.. ولكنها لن تكون إلا زوبعة في فنجان، ولئن حدثت – ونسأل الله أن لا تحدث – فلن تكون إلا على رقابهم ورقاب الصم البكم العمه البله الذين يتبعونهم، وعلى ما تبقى من أسباب وجودهم.. (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
محلل اقتصادي فلسطيني
[email protected]
صحيفة الشرق القطرية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

عباس يصدق على تشكيلة حكومة محمد مصطفى

عباس يصدق على تشكيلة حكومة محمد مصطفى

رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام صدق رئيس السلطة محمود عباس على منح الثقة لحكومة محمد مصطفى، وسط استمرار تجاهل موقف الفصائل الفلسطينية التي...